للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإطراء، فيرضى ضميره ويريح نفسه، وإن كان ذلك يؤدى على حساب الصحة والبصر والإجهاد الذهني.

وللاستدراك أقول إن خليل مطران وصف حالته الصحية يومذاك ببيت من قريض مألوف في قرى لبنان، نصه:

وجسمي صار نص ميت ونص حي

ونص الحي باقي للعذاب.

هذه صفحة عن خليل مطران رأيت أن أنشرها اليوم في مناسبة ظهور الكتاب الذهبي لحفلات تكريمه. وليت المجال يسعف، فأدع القلم يتحدث عن مطران الذي عرفته فعرفت فيه إباء في النفس، وكرما في الخلق، وسعة في الصدر، وسداداً في الرأي، وبصيرة نافذة في الأمور، وعفة في اللسان والقلب، وجرأة في القول والفعل، وسخاء في العطاء والإحسان، ووفاء لا يبرهه، وإخلاصا يستمده من قلبه العامر بالإيمان، ومجالدة تدعوه إلى احتمال كل عناء. بل لقد رتب خليل مطران على نفسه واجبات تعهد بالنهوض بها، فما أخل بوعده، ولا منعته علة عن تأدية هذه الواجبات جميعا عن رضاء وراحة ضمير.

ولئن كانت هذه المحامد بأسرها قد اجتمعت وتبلورت في خليل مطران، وأسبغت عليه الشخصية الفريدة التي يزدان بها هذا الأديب الجليل الكبير، فليس يسع المرء إلا أن يضرع إلى الله أن يلطف به وبصحته، ويبرى بدنه من الأدواء التي تكالبت عليه، ويمنحه من فيض رحمته ما يخفف عنه أوجاع المرض، ويكلأ برعايته في أيام تمر عليه كالسنين والدهور.

فليس عند العروبة سوى (خليل مطران) واحد، ونحن نراه لازمة بل ضرورة لأنه بناء لم يعرف الهدم، ولأنه مجدد مصلح كله وفاء ومكرمات.

وديع فلسطين

<<  <  ج:
ص:  >  >>