يقولون حب الغيد تيم قلبه ... وما حب ربات الخبا عنك مشغلي
وما في فؤادي موضع لمحبة ... لغيرك حتى قال ذلك عذلي
على أني سأوفي هذا المعنى حقه عند الحديث عن الغزل، وإن كنت أبادر فأقول: إن جريان الغزل على ألسنة كثير من هؤلاء الشعراء، وخاصة أولئك العلماء الأعلام، من أمثال شيخ علماء السودان سابقاً الشيخ أبو القاسم أحمد هاشم، والشيخ عمر الأزهري، والشيخ البنا وغيرهم، أقول إن هذا مما لا يدع شكا في سلطان التقليد على الشعراء.
ولست أريد من هذا أن أحط من قيمة الشعر السوداني، ولكني أقصد أن السمة الغالبة عليه في هذه الحقبة سمة الاحتذاء والمتابعة، والتقليد فيه خير كثير، وفيه كذلك شر كثير. وإن في هذا الشعر لوثبات طيبة، وملامح مشرقة، سنكشف عنا في أثناء هذا الحديث، كما أن سير الشعراء في ركاب القدامى جعلهم يبعدون بأشعارهم عن تصوير الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولم يجعل لوصف الطبيعة السودانية الحلابة مكانها البارزة في أشعارهم.