عزة؟
وكقوله في مطلع قصيدة ألقاها في حفلة الميلاد النبوي:
أدرها بعد نومات العشى ... كميت اللون كالخد الوضي
مشعشعة بماء المزن رقت ... كما رقت شمائل أريحي
حواليها نواعم آنسات ... نواعس، ذات لحظ بابلي
وعلى ذكر الابتداء بالخمر أقول إن وصف الخمر ليس غرضا أساسيا في الشعر السوداني، وإن كنا نجد بعض الشعراء يتسلى بها، كما يقول الشاعر صالح عبد القادر.
اسكب الراح، وناول من طلب ... وأدر كأسك، فالدنيا طرب
وأسقنيها بنت كرم عتقت ... تطرد الهم، وتشفى من تعب
يا رفاقي لا تلوموني على ... حبها، فالعيش في بنت العنب
ما علينا أن شربناها وقد ... كتب الله علينا ما كتب
أما الابتداء بالغزل، فهو - كما قلت آنفاً - اللازمة التي لا تنفك لكثير من القصائد، ومن ذلك قول الشيخ عمر الأزهري يمدح صاحب مجلة الجوائب حيث يقول في أولها:
سلوا عن فؤادي مسبلات الذوائب ... فقد ضاع من بين القلوب الذوائب
فلا سلمت نفس من الحب قد خلت ... ولا كان جفن دمعه غير ساكب
سبا مهجتي لدن المعاطف أهيف ... له لفتات دونها كل ضارب
ولا عيب فيه غير أن جفونه ... بنتها على كسر جميع المذاهب
هذا شعر جيد، لولا ما ذكر فيه من هذا الاصطلاح النحوي، وإن كان ذلك يعد ملحة ملفتة، وهكذا يمضي في غزله حتى يقول متخلصاً.
وحبي له يخف في الكون أمره ... كحب العلا مصباح أفق الجوائب
ولا نعدم في هذه الناحية من يستن سنة أخرى أيضاً، فيبتدئ شعره بانكار الغزل، كقول الشاعر عبد الرحمن شوقي يمدح سيادة الحسيب النسيب السيد علي الميرغني.
وقفت ولم أنسب ولم أتغزل ... ولم أشك حالي في الهوى وتذللي
ولم أبك دارك قد عفت وتغيرت ... وصحبا كراماً بت عنهم بمغزل
ومثلي إذا جن الظلام رأيته ... يقوم قيام الناسك المتبتل