للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في مراحل حتى بلغ هذه المرحلة الأخيرة، وإن من الممكن تمييز ثلاث مراحل مهمة مرت بها هذه البشرية وهي:

١ - مرحلة إرجاع كل الأشياء إلى أسباب وعوامل روحية وقوى غير منظورة مثل السحر والقوى الخارقة والآلهة والقوى التي لا يمكن رؤيتها.

٢ - مرحلة ما وراء الطبيعة (. أو مرحلة الأفكار المجردة، وترجع فيها الأسباب والمسببات والوجود وما يحدث إلى عامل مؤثر.

٣ - المرحلة الثالثة وهي مرحلة (الفكر الإيجابي) وفي هذه المرحلة بدأ الإنسان يفكر في ترك البحث في العلل النهائية غير المنظورة إلى البحث بالطرق الإيجابية وفق الطرق الطبيعية وقوانين التجارب العلمية.

وقد تطورت أكثر العلوم وسارت سيراً إيجابيا إلا العلوم التي تبحث عن المجتمع والمجتمعات البشرية فإنها لا تزال في حاجة إلى إيجاد قوانين ودساتير الطبيعة يتمكن بواسطتها عالم الاجتماع أو التاريخ من الحصول في النهاية على نتائج إيجابية ثابتة.

وقد وجدت آراء (كونت) رواجاً كبيراً بين الجماهير. وإن لم يكن ذلك التأثير مباشراً بل كان بواسطة كتابات الكتاب الآخرين أمثال (جون ستيوارت دميل) و (هوربرت سبنسر) و (هنري توماسي بكل) و (إميل ليثريه) و (هنري نين) وغيرهم. لقد وجه هؤلاء أنظار قرائهم إلى دراسة العلوم الاجتماعية وحالات الشعوب والتاريخ الثقافي وما إلى ذلك وساعدوا على نشر آرائه ولا سيما (بسكل) في كتابه القيم الذي ظهر بين سنة ١٨٥٧ - ١٨٦١ وهو (تاريخ المدينة في أنكلترة).

وقد أشارت إلى ضرورة دراسة نفسيات الجماعات والعوامل الروحية التي تؤثر في التطور الثقافي، ولابد لمعرفة ذلك من الاستعانة بالإحصائيات التي تتعلق بالجماعات، وبواسطة هذه الدراسات التي تستند على الطريق التجريبية نتمكن من رفع (التاريخ) إلى درجة (علم) من العلوم. أما الاستعانة بالحوادث الفردية وبالوقائع المدونة فإن ذلك لا يرفع من التاريخ شيئاً، ولا يمكن أن يصل به إلى منزلة العلوم.

وقد تطرق هذا البحث بحث الاستعانة بالإحصائيات لتكوين (علم التاريخ الناطق) عالم فرنسي هو (هنري نوردو) في كتابه الذي ظهر سنة ١٨٨٨ وعنوانه التاريخ والمؤرخون

<<  <  ج:
ص:  >  >>