جميع الأرض وتفرق ثلاثة أشخاص من موضع معين بأن سار أحدهم نحو المغرب والآخر نحو المشرق وأقام الثالث حتى عاد إليه السائر إلى المغرب من المشرق والسائر إلى المشرق من المغرب في وقت واحد لكان الأيام التي عدها الغربي في مدة الدورة أنقص من أيام المقيم بواحد، وأيام الشرقي أزيد منها بذلك؛ ويتفرع عليها مسائل غريبة يسأل عنها، كما يقال: هل يجوز أن يكون يوم بعينه جمعة عند شخص، وخميسا عن آخر، وسبتا عند ثالث، وغير ذلك مما هو من هذا القبيل، فيجاب بالجواز ويستغرب هذا ((أقول إن نقصان الأيام وزيادتها هنا مبنى على ما تسببه معاكسة دوران الأرض أو مسيراتها) ثم إن المؤلفين يقسمان الأرض إلى المناطق المتعارفة في كتب الجغرافيا اليوم فيقولان (ونفرض على الأرض ثلاث دوائر إحداها في سطح معدل النهار وهي خط الاستواء كما عرفت، والثانية في سطح أفق الاستواء، والثالثة في سطح دائرة نصف النهار، وكلتاهما في منتصف المعمورة بخط الاستواء، فالأولى تقطع الأرض بنصفين جنوبي وشمالي، والثانية تنصف كلا من نصفيها المذكورين فيصير الأرض بهما أرباعاً، ربعان جنوبيان، وربعان شماليان، والمعمورة منها أحد الربعين الشماليين، وهو أربع المشهور بالربع المسكون على ما يرى فيه من الجبال والصحارى والمروج والبحار ونحوها كالآجام ونحوها من المواضع الخربة. قال الشارح يعني أن المعمور منها هو هذا الربع مع أن أكثرها خراب في زماننا هذا وسائر الأرباع خراب ظاهراً، وإلا لوصل خبرهم إلينا غالبا ويحتمل أن يكون بيننا وبينهم بحار مغرقة، وجبال شاهقة وبراري بعيدة تمنع وصول الخبر إلينا. غير أن أحد الربعين الجنوبيين قد حكى أن فيه قليلا من العمارة كما يجئ. وأما ما يحكى من قصة وقعت في نوبة ذي القرنين فالظاهر أنها موضوعة لا أصل لها، والله أعلم بما في ملكه.
والدائرة الثالثة من تلك الدوائر الثلاث تقطع المعمور بنصفين غربي وشرفي، ونقطة التقاطع بين الدائرة الأولى والثالثة تسمى قبة الأرض، وابتداء المعمور من خط الاستواء على ما ذكره بطليموس في المجسطي، إلا أن بطليموس بعد ما صنف المجسطي زعم في كتابه المسمى بجغرافيا أي صورة الإقليم أنه وجد وراء خط الاستواء في أطراف الزنج والحبشة عمارة الخ. . . فها أنت ترى أن ما أدرجاه قريب جداً مما يدرسه طلاب الجغرافيا والفلك اليوم. وإليك ما قاله المؤلفان عن اختلاف الليل والنهار: (الشمس إذا وقع ضوئها