حكي أن بعض النحاة سئل عن كلمة أشياء فتظرف، وقال:(إني لا أخالف قول الله تعالى: (لا تسألوا عن (أشياء.) وما تظرف هذا النحو، وأجاب بهذا الجواب ألا وهو يرى أن النحويين - وإن كانوا أجمعوا على منع صرفها - في حيرة من أمر جمعاء، وأمر تعليل منع صرفها.
وقد روى العلامة المحقق شهاب الخفاجي في كتابه طراز المجالس في مبحث هذه الكلمة - وذلك بعد أن نقل عن النجاة إجماعهم على أنها ممنوعة من الصرف. وتعليلاتهم لذلك - روى الخفاجي: أن أحسن ما قيل فيها، وعد أقرب إلى الصواب هو ما قاله الكسائي، وأنها جمع شئ كفرخ، وأفرخ وترك صرفها لكثرة الاستعمال بشبيها بفعلاء أي بألف التأنيث الممدودة، وقد يشبه الشيء بالشيء فيعطى حكمه كما شبه (أرطى) بألف التأنيث الممدودة فمنع صرفه في المعرفة.
ولعل الكسائي يريد بكثرة الاستعمال الوارد في تعليله - أن كلمة أشياء وردت قراءتها هكذا عن الرسول بغير تنويين مجرورة بالفتحة، وأنه ليس بد من استعمالها هكذا في هذه الحالة؛ إذ كل النحاة مجمعون على أنها غير مصروفه وإنما اختلفوا في التعليل وعدم اهتدئهم إلى تعليل صحيح لا ينفي أن منع الصرف موجود.
وإلى هنا يتبين أن الأستاذ البشبيشي - في ارتيائه ما رأى من صرف الكلمة - قد خالف إجماع النحاة دون مبرر قوي. فضلا عن أنه تلكف في التعليل. وعرض علينا تعليلاتهم لهذه الكلمة مقتضبة اقتضابا لا ينقع غلة.
وإذا ثبت أن النحاة مجمعون على أن كلمة أشياء غير مصروفة، وأن الكسائي علل منع الصرف بأنها شبه فعلاء، وقوى ذلك بكثرة الاستعمال، وعرفنا ما المراد بهذه الكثرة - إذا ثبت هذا فقد سقط استدلال الأستاذ البشبيشي بالقياس على كلمة أفياء.
وإنه ليبدو لي - بعد ما سبق - أن أسال الأستاذ عن هذه الكلمة في الآية القرآنية؛ فقد وردت كلمة أشياء في الآية مسبوقة بحرف جر. وهو عن، فلم ضبطت الهمزة الأخيرة بالفتحة! أليس هذه يدل - دون احتياج إلى كثرة تعليلات، لا داعي لها - أن كلمة أشياء