(بيئتها) كأنما (تلهمها) التصرف الواجب (بداهة أو غريزة) دون بذل أي مجهود عقلي في البحث والاختيار. إنها (ركبت) لتعمل هذا العمل، وإنها لتتكلف فيه كل وسعها، وتجهد له كل جهدها، وإن كانت كل كلفها وجهدها خفية لفرط موافقة هذه الملكات لعملها واتصالها به.
ومن يقرأ فاحصا متدبرا سلسلة الكتب التي أخرجها الأستاذ ودرس فيها الحركات العقلية الإسلامية مثل كتاب فجر الإسلام وتوابعه يجد كل فصل فيها مصداقا لما نقول.
والكتاب الذي بين أيدينا على نمط هذه المجموعة لا يختلف عنها إلا اختلافا يسيرا سنوضحه بعد، وهذه التواليف كلها تسيطر عليها (الروح العلمية) وتستقيم مضامينها على (المنهج العلمي) معا، وقلما نجد فيها مواضع (محررة) من سلطان هذا المنهج، واكثر هذه المواضع القليلة (حلقات مفقودة) في سلسة البحوث المعروضة لا تتضح (فراغات) مواضعها إلا للمختصين، و (المنهج العلمي) يوجب على الباحث ترك (فراغ مناسب) لكل (حلقة مفقودة) حتى يعثر عليها هو أو غيره بعد، وتظل قبل ذلك (مفتوحة) للداسين.
لا يختلف هذا الكتاب عن (فجر الإسلام) وتوابعه إلا في الغاية التي يرجوها المؤلف منه، فهو لا يقصد فيما يقدم من معلومات عن هؤلاء المصلحين وإصلاحاتهم أن تعلم فحسب بل أن تكون حافزا لهم الشباب إلى الإصلاح والنهوض بأممهم، ومن أجل ذلك لا عبرة بأن فصول الكتاب متناثرة، ولا بأن بعضها نشرت من قبل على (صورة) مقالات في بعض المجلات ولا عبرة حتى بعنوان الكتاب (زعماء الإصلاح. . .) فأنت إذا كتبته (حركات الإصلاح. .) لم يكن عنوانك أقل صدقا في دلالته على مضامين الكتاب من العنوان الذي اختاره مؤلفه له فهو (كتاب عنى فيه أستاذنا الجليل بدراسة الحركات الإصلاحية التي تتمثل أبرز صورها في طائفة معظمهم من زعماء الإصلاح الديني وأقلهم من زعماء الإصلاح السياسي ف الشرف الإسلامي في الجيل الماضي) وأولا أن هذا التعريف - على قصره - لا يصلح أن يكون عنوانا لطوله لكان أليق عنوان لهذا الكتاب لأنه أصدق تعريف به كما ستقصه. وليسأل نفسه وحدها من يفهم العنوان على ظاهره.
يتضمن الكتاب تعريفا فمقدمة فعشرة فصول اختص كلمنها بزعيم وحوى له صورة شمسية، فخاتمة.