فأما التعريف، فبالكتاب وتطوره ونشره والغاية منه: فموضوعه (سير عشرة من المصلحين الحديثين في الأقطار الإسلامية المختلفة) فأما أنهم عشرة كما وصفوا فنعم، وأما أن الكتاب في سيرتهم أو سيرهم فتعريف فيه (تواضع) من ناحية ومبالغة من أخرى، كما سنبين بعد. ويفهم من كلام التعريف أن كثيراً منه نشر في بعض المجلات، ثم أتم وجمع (ليسهل تناوله، ويكثر تداوله) وقد أحسن أستاذنا فيما صنع: إذ أرضى بصنيعه الكريم رغبة إليه ملحة كانت تعتلج في نفوس من قرءوا الأجزاء التي نشرت منه، ومما يزيد في قيمة صنيعه أن في الزعماء الذي تحدث بهم في كتابه من ليس للقراء علم حتى باسمه، ومنهم من للقراء به علم قليق مضطرب لا يسد حاجة ولا (يثير) فكرا أو قلبا. والغاية المرتجاة من الكتاب (أن يكون - فيما يصور من حياة المصلحين ونوع إصلاحهم - باعثاللشباب، يستثير هممهم، فيحذون حذوهم، ويهتدون بهديهم وينهضون بأممهم) وإنها لغاية حقيقة بالتقدير والسعي إليها، ولاعجب في أن يصمد إليها (مرب) كأستاذنا الجليل.
وليست هذه الغاية ظاهرة في فصول الكتاب، فالمؤلف اعقل واكرم من أن يظهرها في فصوله، وإن كانت حاضرة في ذهنه وهو عاكف على كتابة هذه الفصول. فمن (وراء) المعلومات التي يسوقها إلينا (معلمنا) الذي لا يعنيه إلا بسط الحقائق (لنعلم) بل قبل التصدي للتعليم وبعيدا عنه: أي في مرحلة (اختيار) الموضوعات التي تعلم - من وراء ذلك كله يبدو المؤلف موجها عقله (تلاميذه ومريديه) وقد انبعثت من قلبه حرارة منظورة مجتازة عقولهم إلى قلوبهم حنانا وخفية (لتوحي) إليهم إيحاء بالعطف والغيرة على المصلحين وإصلاحاتهم والنفور والتمرد على أعدائهم وأعدائها، من غير أن يدر ك (التلاميذ والمريدون) أنهم في حضرة (مرب) أو واعظ فالمؤلف (يربى) من غير إخلال بالأصول التي يجب على (العالم) التزامها، ولا يسلك سبل الوعاظ المفضوحة العقيمة ولا يتكلف حماستهم الزائفة، فمن (يعلمه) هذا الكتاب فيها ونعمت، ومن (يريه) فهو أفضل.
وأما الفهرس فثلثا صفحة في عناوين فصول الكتاب لا في أعلامه، ولا في عناصر موضوعاته ونحو ذلك، ولا حاجة إليها لما سنبين.
وأما المقدمة فهي لازمة أشد اللزوم لفهم الفصول التي يليها إجمالا، وهي تمهيد لها، إذا لمع المؤلف فيها إلى نهضة العالم الإسلامي بعد الإسلام ثم سقوطه وجموده، وما أصابه من