للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إنهم يهونون على أنفسهم ويهونون على الناس!

أما أولئك العلماء بلا ضمير، فكأني برابليه كان يعنيهم حين قال: علم بال ضمير خراب للنفس!

إنك لن تجد في مجال الحكمة الخالدة وتقرير الواقع أصدق ولا أكمل ولا أدق من هذه العبارة. إن رابليه حين نطق بها كان يشرف على الإنسانية من قمة عالية هي قمة الضمير العلمي!

ومن عناصر الشخصية الأدبية أن يستقل الكاتب عن غيره في طبيعة النظرة وأصالة الفكرة وطريقة التعبير. . .

ولا نعني بذلك ألا ينتفع الكاتب برأي لغيره يتسع به أفقه أو تقوم عليه دعامة من دائم دراسته. . . كلا، وإنما نعني به ألا يكون مقلدا بغير وعي، ومرددا بغير فهم، وبوقاً ينفخ فيهمن يشاء. . . ألا يكون بتعبير أدق كتلك النباتات الطفيلية التي لا تستطيع أن تصل إلى الضوء والهواء إلا إذا تسلقت الأغصان الشوامخ؟!

أنا لا أضيق بشيء كما أضيق بتلك النباتات الطفيلية، أولئك الذين يسطون على أفكار الغير، ويعيشون في رحاب الغير. . .

ولست أدري ما هي قيمة العمل الأدبي وما هي جدواه، إذا لم يستقل صاحبه بملكاته الخاصة ويتفرد بمواهبه الأصيلة؟!

ولست أدري ما هو موقف تلك الفئة الأخرى من أصحاب المقالات المترجمة والكتب المترجمة؟ أقول لست أدري ما هو موقفها من موازين لأدب والفن؟ إنك لا تكاد تقرأ للواحد منهم مقالا إلا وهو منقول من لغة إلى لغة، ولا كتابا إلا وهو منقول من اسم إلى اسم!!

ومن عناصر الشخصية الأدبية أن يكون الكاتب واسع الاطلاع رحب الأفق نافذ البصيرة، وهذا كله لا يتهيأ لصاحبه إلا عن طريق واحد هو أن يقرأ ويقرأ ويقرأ. . وحسن أن يتخصص الكاتب في ناحية بعينها، يكب عليها ويفرغ لها ويقتلها بحثا وتحقيقا ودراسة، وأحسن منه أن يقتطع من وقته وجهده ما يتيح له النظر في ألوان أخرى من الثقافات والدراسات ليكون مثقفا بأوسع معاني الكلمة حين تنطبق على المثقفين. . .

أنا لا أفهم أن يقتصر بعض الأدباء على ميدان الأدب وحده دون أن ينظروا إلى صلة

<<  <  ج:
ص:  >  >>