للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لما اقبلوا عليه.

وأما المتنبي فالويل لناقده من غضبته، لقد جحدت يا أستاذ آيات المتنبي وكفرت بشريعته الأدبية، فأحذر شواظ غضبة ذلك العبقري الذي تولج بأكاليل الخلود والذي صرخ في العصور

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ... وأسمعت كلماتي من به صمم

فآمن من بعبقريته حكيم المعرة وأبصر جلاله على عمايته فأهدى للأدب (معجزة أحمد) ومن قبلنا بأزمان وأزمان قال العباسي في (معاهد التنصيص) لقد كان المتنبي من المكثرين من نقل اللغة والمطلعين على غريبها وحوشيها، ولا يسأل عن شيء إلا ويستشهد فيه بكلام العرب من النظم والنثر حتى قيل أن الشيخ أبا علي الفارسي قال له يوما كم لنا من الجموع على وزن فعلى فقال المتنبي في الحال حجلي وظربي. قال الشيخ أبو علي فطالعت كتب اللغة ثلاث ليال على أن أجد لهذين الجمعين ثالثا فلم أجد وحسبك من يقول أبو علي في حقه هذه المقالة قال العباسيورزق المتنبي في شعره السعادة واعتنى العلماء بديوانه فشرحوه حتى قيل أنه وجد له ما يزيد على أربعين شرحا وقال فيه أبو القاسم الطبسي:

ما رأى الناس ثاني المتنبي ... أي ثان يرى لبكر الزمان؟

هو في شعره نبي ولكن ... ظهرت معجزاته في المعاني

وحكى أن المعتمد بن عباد صاحب قرطبة وأشبيلية، أنشد يوما في مجلسه بيت المتنبي الذي هو من جملة قصيدته المشهورة وهو:

إذا ظفرت منك العيون بنظرة ... أثاب بها معي المطي ورازمه

وجعل يردد استحسانا له وفي مجلسه بن وهبون الأندلسي فأنشد ارتجالا.

لئن جاد شعر ابن الحسين فإنما ... تجيد العطايا واللُها تفتح اللَها

تنبأ عجبا بالقريض ولو درى ... بأنك تروي شعره لتألها

واللها بالضم العطايا وبالفتح جمع لها الحلق.

وما تقول يا أستاذ في ابن هشام إمام النحاة، لقد استشهد بشعره في كتابه شرح قطر الندى في النحو، واتخذ شاهدا في بحث الندبة قوله في سيف الدولة:

واحر قلباه ممن قلبه شيم ... ومن بجسمي وحالي عنده سقم

<<  <  ج:
ص:  >  >>