للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولا أكتمك أنه انتقده أيضا وخطأه في بيت له وذلك في بحث (عمل لا النافية عمل ليس) إذ قال وغلط المتنبي في قوله:

إذا الجواد لم يرزق خلاصا من الأذى ... فلا الحمد مكسوباً ولا المال باقياً

والشاهد في (لا) في الموضعين فإن المتنبي أعملها عمل ليس مع تعريف اسمها في الموضعين وذلك غلط لاشتراط كون اسمها وخبرها نكرتين، ومع ذلك فإن للمتنبي جلالا لا يهدم في اللغة ونحن لم نستشهد بشعره وشعر ابن هرمة لإثبات المعنى، وإنما جئنا بهما لتأكيد، ما دل عليه شعر طرفة ولا ريب أن ذلك مما لا يؤخذ عليه وفرق بين التأسيس والتأكيد وأنت أيها الأستاذ الناقد المحترم قد أسأت إلى المتنبي عندما أنكرت علينا أن نحتج بروائع أبي الطيب في تفهم لغة العرب الأصيلة المنزهة من تلويث المولدين والأعاجم والمتنبي العربي لو كان حيا لتناولك لهيب انتقامهولسير قصيدة في هجائك ترتعد لهولها الفرائص فكفر عن كفرك بآياته الخالدة وجحودك لعبقريته الفذة، أما سمعت بقصة أبي علي الحاتمي عندما تحرش به وتعرض له إذ قدم بغداد فتاة اعتزازا بأدبه وأبدى من الكبرياء والعظمة ما أسخط عليه البغدادين فانتقده الحاتمي ثم خشي بطشه قال (ثم عمرت ما بيني وبين المتنبي وخفته بالحقيقة أن يشتغل بي دون كل أحد فحداني ذلك إلى كتابة الأبيات من شعره المقابلة لما قال الحكيم أرسطاطاليس وهي الجامعة لجواهر شعره وقدمتها هدية إليه حسن الحال بيني وبينه) وعلى كل فإن أبيات المتنبي يعتمد عليها في تفهم معنى مفردات اللغة، هذا ما أردنا بيانه بالنسبة لما تفضلتم به عن هرمة والمتنبي، أما الأبيات الأخرى فقد استشهد بها كبار علماء اللغة في أهم الموسوعات اللغوية المتداولة، وقد ذكرت كتبهم التي أخذت منها وهم الزمخشري في الأساس وابن منظور في لسان العرب وصاحب تاج العروس، ولا ريب أن ما احتج به هؤلاء الفطاحل يصح لي أن أتبعهم في الاحتجاج به واذكره شاهدا. وإن لم أعرف قائله، وقد غمزتني بأني أوردت تلك الأبيات المجهولة القائل مع ذكر من وثق بها من كبار اللغويين ولا يهمني بعد ذلك أن يكون قائلها جاهليا او مولدا واستثني من ذلك البيت التالي علم آخذه من كتب اللغة وإنما وجدته في (حلبة الكميت) تأليف النواجي شمس الدين محمد بن الحسن إذ أورده ثاني بيتين لم يذكر قائلهما هما:

كن ابن شئت واكتسب أدباً ... يغنيك مضمونه عن النسب

<<  <  ج:
ص:  >  >>