للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقابل من السامعين بالارتياح، وكيف أبقى عليها الزمن فخلدت في بطون الأسفار؟ وليس بعيدا أن نرى في العصر الحاضر من يتعصب كمعجزة خارقة؟ وكم في الناس من أغبياء!

ويجب أن يفهم أننا لا ننكر البشائر النبوية التي آذنت ببعثة الرسول العظيم، بل نؤيد جميع ما ذكرته الكتب الصحيحة، مما يخضع للناموس الطبيعي، ولا يصطدم مع التفكير المستقيم، ومن ذلك - فيما يتعلق بهذا النوع - ما روى عنإسلام سواد بن قارب رضى الله عنه، فقد كان في جاهليته كاهنا تهبط الجن عليه بما تسترق من السمع، فأخبر فيما أخبر به ببعثة الرسول، ووقع الإيمان في قلبه فوفد على الرسول بمكة وأنشد

أناني رئي بعد ليل وهجعة ... ولم يك فيما قد عهدت بكاذب

ثلاث ليالي قوله كل ليلة ... أتاك رسول من لؤي بن غالب

فكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة ... بمغن فتيلا عن سواد بن قارب

فهذا خبر لا يعدم الدليل على صدقه، لأن استراق السمع ثابت بنص القرآن، وسواد رحمه الله قد أسلم لربه، وقد اعتز بإيمانه اعتزازا لا يحتمل تخرص وادعاء، حتى أن عمر بن الخطاب قد ذكر مرة بكهانته في الجاهلية فغضب فضبا فعرف في وجهه، فاعتذر إليه أمير المؤمنين وقال له يا سواد، والله ما كنا عليه من عبادة الأصنام شر من كهانتك. فليس بمعقول أن يتحدث عن سبب إسلامه بما لم يقع، فهو إذن صادق مصدق، وإنما الكاذب من يروى الأساطير التي تنتهي إلى عهد سليمان بن داود ثم يكدر بها حياض السيرة المطهرة، وأولى بها أن تأخذ مكانها في (ألف ليلة وليلة) فتتلاقى الأكاذيب وتمتزج الغرائب بالأعاجيب.

(البقية في العدد القادم)

محمد رجب البيومي

<<  <  ج:
ص:  >  >>