أو السنة، لذلك ولأنه قوة تسمح بما يسمى تجديداً، فإن العلماء الروحانيين على مر العصور - من القرن الثالث إلى الوهابيين اليوم يعارضون فيما يترتب عليه، ويقصرون شرعيته على الجيل الأول من المسلمين. هذا في حين أن المجددين على الدوام قد اعتمدوا عليه في توسيع مدى عدالة أعمالهم.
والاجتهاد عكس الإجماع. وقد أطلق عليه إقبال (مبدأ الحركة في الإسلام) ولابد من معرفة معنى الاجتهاد والدور الذي لعبه في تاريخ الفكر الإسلامي. وهو - كما يعتقد بعض المجددين حرية الحكم. ومن الناحية الأدبية يعني الاجتهاد: إجهاد النفس في محاولة الكشف عن الأغراض الحقيقية لتعاليم القرآن والسنة. وقد عمل المتدينون على تحديد موضوعه خوفاً من أن يفتح باب المعارضة الفردية والانقسام. وأخيراً لم تبق ثغرة في هذه المسائل لم تسد، فأقفل باب الاجتهاد تماماً.
ومهما يكن من شيء فإنها ظاهرة خطيرة للسنة الإسلامية في قبولها للاختلافات الواقعة في الرأي في المجتمع - ولطالما فخرت بهذا - وأحسن مثل هو المذاهب الأربعة في الشرع: الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، أسسها الأئمة الأربعة في القرنين الثاني والثالث، وهم جميعاً من السنيين. فهذه المذاهب - مثلا - تدرس في جامعة الأزهر الدينية. حقاً إن الاختلافات بينها تنحصر في نقط ضيقة في الشرع والشعائر، بالرغم من أن الحنابلة - بعدائهم المستحكم لكل المجددين - يعارضون الإجماع من الناحية الدينية - في كل شيء إلا مدلوله الضيق، وأحياناً يظهرون عدم رضائهم عن الآراء الأخرى.