خل الغرام لصب دمعه دمه ... حيران توجده الذكرى وتعدمه
فخمساها تخميسين أعجباني غاية الإعجاب، وبهذه المناسبة أقول أن التخميس والتشطير من الأمور الشائعة في الشعر السوداني، فمن تخميس الشيخ المجذوب:
يا من تطاول في وصل تنعمه ... ونام ملء جفون العين نومه
أهنأ فما أنت صب القلب مغرمة ... (خل الغرام لصب دمعه دمه
حيران توجده الذكرى وتعدمه)
شتان بين سمير الليل ساهرة ... ونائم غط من بدء لآخره
أتعذل الصب يشكو بُعد هاجرة ... (عذلته حين لم تنظر بناظرة
ولا علمت الذي في الحب يعلمه)
وينتهي من هذا الغزل إلى المديح فيقول:
لا تستوي في الهدى الأنوار والظلم ... ولا السميع كمن في أذنه صمم
أتاهم المجتبي شمساً وعنه عموا ... (حال السها غير حال البدر لو علموا
بل أهل مكة في طغيانهم عمهوا)
يا ضيعة العمر يا عظمى خسارته ... إن لم أشد رحالي نحو دارته
يا كل موصي وفيُّ في سفارته ... كم أستنيب رفاقي في زيارته
عنى، وما كل صب القلب مغرمُه)
ويقول الكردي:
أهوى النبي وأرجو من كرامته ... خيراً، وأطمع في عقبى شفاعته
ومن صبابة قلبي في مقامته ... (كم أستنيب رفاقي في زيارته
عني، وما كل صب القلب مغرمة)
ويتصل بهذه المدائح شعر كثير في ذكرى المولد النبوي، وفي ذكرى الهجرة، وفي ذكرى غزوة بدر، وفي المناسبات الإسلامية المختلفة، وليس أدل على سيادة هذا الغرض وقوته، من أن شعراء غير مسلمين يقولون في الأغراض الإسلامية، ومن ذلك قصيدة الشاعر صالح أفندي بطرس في الحث على العناية بجامع أم درمان، ومنها:
يا مسجداً مطلت بنوه بعهده ... حتى غدى وهو الحسير المعدم