للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وبين ما يترتب على هذا الاتجاه من آثار بالغة في حياة الأفراد والأمة، بأنه يشكك ناشئة الأدباء في أدبهم، لأن معيار جودة الأدب هو نشره، ومتى تسرب الشك إلى النفس قلقلت ومالت جذوتها إلى الخمود؛ وهذا يميت في ناشئة الأدباء روح الأدب، إذ يصرفهم عن التحصيل وتعهد مواهبهم، إلى أن يقول: (أما النتيجة الضخمة التي يؤدي إليها هذا الأثر وذاك فهي تأخر الأدب في الأمة وعدم ازدهاره فيها، لقلة عدد الأدباء والمفكرين من أبنائها؟ والأدب في كل أمة مرآتها المجلوة، ولسانها المتنبي عن المذخور من أمجادها، والمرجو من تقدمها ونهوضها).

ويقول الأستاذ إنه عالج نظم الشعر، ودفع ببعض ما نظم إلى بعض الصحف والمجلات، وفي جملتها الرسالة، فلم ينشر له إلا قصيدة في مجلة قدمها إليها أحد أصدقائه الصحفيين. ويسأل في آخر كتابه: هل المهم هو جودة الأدب أم شهرة الأديب؟ ويقول: (صحيح أن كبار الأدباء قد انقادت لهم أزمة البيان، ومن المحقق أنهم أقدر على الغوص والسبوح والتحليق. . . ولكن هذا لا يمنع من أن يكون في الناشئة موهوب سبق عمره فهما وفطانة وكملت أداته يافعاً، فهل يكون جزاؤه - لأنه مغمور - أن نغفل إنتاجه ونهمله؟).

وكل ما ذكره الأستاذ في رسالته صحيح لاشك فيه، وتصوير المسألة وبيان آثارها كما صور وبين. ومن المؤسف أن المهم - عند الكثيرين من المشرفين على الصحف - هو شهرة الأديب لا جودة الأدب، فهم يقرؤون المقالات والقصائد من ذيولها. . . أما (الرسالة) فالأمر في ذلك عندها لا يعدو زحمة المواد واختيار الجيد والصالح للمحافظة على مستواها الأدبي المعروفة به، وليس كل ما يهمل لرداءته، فثمة اعتبارات أخرى تتعلق بالموضوع وروح المجلة وغير ذلك. والرسالة قد فتحت ذراعيها للشباب منذ نشأتها، حتى تخرج فيها طائفة منهم أخذوا أماكنهم بين الكتاب والشعراء، ومنهم من هو في الصدارة الآن؛ ويوم بدؤوا فيها قبلتهم لجودة أدبهم بطبيعة الحال، فلم تكن أسماؤهم معروفة، فلا يجوز مع ذلك أن ترمى بأنها توصد الأبواب أمام الشباب.

الألفاظ الأجنبية بين الأمس واليوم:

نشرت مجلة الإصلاح الاجتماعي مقالاً لأستاذ الجيل أحمد لطفي السيد باشا، عنوانه (موقف العربية من الألفاظ الأجنبية) وهو من مقالات معاليه القديمة التي كان يكتبها في

<<  <  ج:
ص:  >  >>