للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أوائل هذا القرن، قالت المجلة إنها تنشره للوقوف على آراء قادة الفكر في مطلع النهضة الحديثة. أثار أستاذ الأساتذة في ذلك المقال قضية لا تزال من قضايا اليوم، فقد دعا الكتاب أن يتساهلوا في قبول الألفاظ الأوربية (كالأوتومبيل والبسكليت) ويدخلوها في الاستعمال الكتابي كما أدخلها الجمهور في المخاطبة قائلاً بأن اختراع أسماء تستعمل في الكتابة وحدها يوسع مسافة الفرق بين لغة الكتابة ولغة الكلام. والطريف في نشر المقال في هذا الوقت أنه يتضمن وجهات نظر تغير أساسها الآن تغيراً تاماً، فما كان معاليه يدرى - إذ ذاك - أن (السيارة) ستجرى على ألسنة الناس أكثر وأسهل من (الأوتومبيل) إذ قال: (نشر مجمعنا اللغوي رحمة الله عليه أن الأتوموبيل (بالإفرنجي) اسمه (بالعربي) سيارة. فإذا قلت لواحد من أهل العلم (جاءت سيارة) فهم من ذلك أنك تخبر عن جماعة من الناس سائرين أو عن أحد الكواكب فأما في العرف الفلاحي فالسيارة هي الهيئة المؤلفة من جماعة من الفقراء أبناء الطريق يحملون لواء طريقتهم وطبولها وبإزالتها لينتقلوا إلى مولد من الموالد، هذا هو ما أظن أهل القاهرة يعبرون عنه (بالإشارة) فإن قلت لخادمك جئ بسيارة فتح لك فاه ووقف ينتظر تعريباً للسيارة حتى تقول له جئ (بأتومبيل). . .)

وما كان معاليه أيضاً يعلم وهو يترحم على المجمع اللغوي القديم - أنه سيصير رئيساً للمجمع اللغوي الحالي الذي يسير في نفس الطريق فيستبدل بأمثال (الأتومبيل) أمثال (السيارة).

وبعد فلا تزال القضية - كما قلت من قضايا اليوم، بل هي من المعضلات، فليست كل الأسماء (كالأتومبيل) والسيارة، فثمة كثير من الكلمات الإفرنجية لا تزال نستعملها في الكتابة، وقد تعبت الأقواس في حراستها. . . وكثيراً ما تستأنس فتترك بلا أقواس. وقد وضع المجمع اللغوي كثيراً من الأسماء لمسميات حديثة، ولكن الكتاب حتى أعضاء المجمع منهم لم يلتزموها في كتابتهم، فلم نر أحداً منهم كطه حسين أو أحمد أمين أو المازني يكتب المسرة أو المشن بدل (التليفون والدش) وهل يعبر الدكتور أحمد زكى عن تحليل الكحول ب (الحلكحة)؟

والفئة الصابرة في هذا الميدان، هم أطفال المدارس وتلاميذها، وهم وحدهم المكلفون بتنفيذ قرارات المجمع اللغوي. . . فالطفل في السنة الأولى الابتدائية لابد أن يكون جملا تشتمل

<<  <  ج:
ص:  >  >>