أنا، والذي حامت شبهته حولي شرطي ذكي ألمعي. . . رآني بحديقة الفندق المجاور لعين حلوان وأنا منهمك في الكتابة، ثم رآني أغادر الفندق إلى مبنى المياه المعدنية، وقد عرجت عليها في طريقي إلى المحطة حوالي الساعة الحادية عشرة مساء، فظن بي الظن كأن لم ير ولم يسمع! ورآها فرصة مواتية لإظهار الكفاية والبراعة، فلا بد أني وضعت قنبلة في مكان من هذه البقعة، وعما قليل تنفجر، وهذا هو ملقيها!.
ولم يكن بد من الذهاب إلى قسم حلوان. وقال الضابط للشرطي الخارق الذكاء: وكل من تراه خارجاً من القهوة تأتي به؟! ولكن هذا لم يمنع الضابط من أن يتمم ما بدأه الشرطي. . . فسألني وأجبت، فقال لي:(وحضرتك لازم تتفلسف وتكتب مقالات!! وريني اللي كنت بتكتبه. . .) وجعل الضابط يقرأ صامتاً، وأنا أرجو أن أكسب قارئاً جديداً. ولم يخب رجائي فقد تفضل وأذن لي بالجلوس على كرسي بجواره. . . ولكن (محضر التحري) لا بد منه. وهذا يقضي بحجزي في القسم حتى يثبت لهم أن (التفلسف وكتابة المقالات) لا ينطويان على خطر. . . وتذكرت صديقي الأستاذ سيد قطب فهو من سكان حلوان، فاستنجدت به، فأسرع إلى في القسم، ولو لاه لبت، وبات معي الأدب والفن، في قسم حلوان. وتركت الصديق الكريم في القسم يتمم معهم (إجراء اللازم) وعدوت إلى المحطة لألحق بآخر قطار من حلوان في منتصف الساعة الثانية صباحاً.
ولم آسف أكثر مما أسفت لذهاب نشاط البوليس في اعتقالي هباء. . . ألم يكن من المحتمل أن يكون مكاني (عنصر خطر) ولكن لا بأس، وأرجو لهم حظاً أحسن في غير هذه المرة.