وهناك فرق بين المناطق المعزولة والمناطق العازلة، فمثلا سهل المجر تحيط به جبال فهو منطقة منعزلة، وأما الجبال نفسها فهي مناطق عازلة. إذن فمنطقة العزلة إقليم وعوامل العزلة ظاهرات تضاريسية أو مناخية أو نباتية أو مائية، فبرودة المناخ في أقصى شمال أوربا جعلت قبائل اللابس في حالة قريبة من العزلة وتعزل الجبال الأجناس بعضها عن بعض حتى إن الجبل الواحد يعزل على كل من جانبيه جنساً خاصاً يتكلم لغة خاصة كما هي الحال في سويسرا أضف إلى هذا أن الجبال كذلك تعتبر ملاجئ للأجناس الهاربة إذ تجد فيها مأوى تلجأ إليه إذا استهدفت لأي خطر يهددها بعكس السهول فهي تساعد على الاندماج بين الأجناس إذا تعددت لانبساطها. أما الغابات الاستوائية في وسط أفريقية فهي ملجأ للأقزام بعد أن كانوا يشغلون كل أفريقية الاستوائية من المحيط الأطلسي إلى الساحل الشرقي المطل على المحيط الهندي بدليل وجود بقاياهم في المناطق الشرقية، ولكنهم لجئوا إلى هذه الغابات على أثر موجات الحاميين التي أخذت تفد على أفريقية عن طريق باب المندب دافعة أمامها العناصر الزنجية إلى مناطق العزلة حيث الغابات كما طردتها إلى الجنوب ومن هناك إلى صحراء كلهاري حيث نجد بعض عناصر من جماعات البوشمن السائرة في طريق الإبادة، وقد كانت جماعات الهوتنتون أول من طردهم، ثم تلتهم جماعات البانتو، حتى إذا ما جاء الأوربيون إلى تلك الجهات في القرن السابع عشر زادوا في إبادتهم وساعد على ذلك أن شعب البوشمن لم يستطع التكيف بالظروف الجديدة.
ونظراً لأن الهجرات البشرية في أفريقية قد اتخذت طريقها من الشرق إلى الغرب، لذلك كانت مناطق العزلة غرب القارة كما توجد أعقد المناطق الجنسية هناك، وهذا ما نلاحظه أيضاً في أوربا حيث أن تيار الهجرات قد اتخذ طريقه من الشرق إلى الغرب عن طريق السهل الأوربي الشمالي الذي يقع بين مرتفعات في الجنوب وأخرى في الشمال فلا تجد الهجرات أسهل من هذا الطريق عند انتشارها على هيئة موجات من الشرق إلى الغرب ولذا كان هذا السهل طريقاً للغزوات في مختلف عصور التاريخ ولا يزال إلى الآن مسرحاً للحروب والقتال، ومما ساعد على تكرار هذه الغزوات أنه لا توجد حدود طبيعية تفصل بين أجزاء هذا السهل، وأصبح من الصعب تحديد الحدود بين دوله المختلفة. وإذا كان مظهر تيار الهجرات في أفريقيا قد اختلف في شكله عما هو في أوربا، فذلك راجع إلى