للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

طبيعة المنطقة التي تصل شرقي القارة الأفريقية بغربيها، حيث الغابات بمسالكها الصعبة مما دفع الهجرات إلى الدوران حول هذه المنطقة إما عن طريق الجنوب أو عن طريق الشمال فخففت هذه الدورة من حدة الهجرات وجعلت بينها فترات منتظمة ساعدت على هضم بعضها فلم تكتسب ذلك المظهر الحربي الدموي الذي نطالعه في التاريخ الحبشي لقارة أوربا.

وعند دراستنا لأثر الحاميين الشماليين في زنوج السودان الغربي نجده أقل ما يكون في منطقة الغابات الساحلية، لأنها لا تشجع العناصر الحامية على سكناها وإذا كان الدين الإسلامي نتيجة لذلك قد أخذ ينتشر في الأجزاء الشمالية من السودان الغربي فإن البعثات التبشيرية الأوربية قد انتهزت هذه الفرصة، وأخذت تغزو هذا الإقليم من الجنوب حيث يزاحمها الإسلام هناك ويظهر كذلك في مدى انتشار الدين الإسلامي في المنطقة التي حول بحيرة تشاد إذ نجد هناك بعض قبائل وثنية استطاعت أن تحتفظ بشخصيتها في مناطق المستنقعات على الرغم من تأثير الإسلام في السودان الأوسط، وما ذلك إلا لأن هذه المستنقعات ما هي إلا مناطق عزلة قد لجأت إليها هذه القبائل. أما في منطقة السودان الشرقي فنجد جماعات النوبة تسكن في التلال الواقعة في كردفان والظاهر أنها كانت تسكن السهول أولا، ثم طردتها القبائل العربية الغازية إلى مكانها الحالي وبفضل منطقة السدود استطاعت قبائل النوبة في جنوب السودان المصري أن تقاوم الأثر الحامي الذي يظهر بوضوح في قبائل الشلوك الساكنة بين النيل الأبيض وبحر الجبل.

أما الواحات فيمكن اعتبارها مناطق عزلة لحدودها المنيعة التي يصعب على كل أحد أن يصل إليها، لذا فهي تمثل عناصر نقية إلى حد كبير، وهذا سبب ما نراه في بعض الواحات من عادات ولغات خاصة كما هي الحال في واحة (سيوة) بمصر وواحتي (زلة) و (جالو) في لوبيا. ولكن يجب ألا ننسى أن هذه الواحات كثيراً ما تستخدم محطات لطرق القوافل بين الساحل الأفريقي الشمالي والسودان جنوباً فساعد ذلك على وصول بعض عناصر جديدة إلى هذه الواحات تركت بلا شك أثرها في السكان الأصليين فضلا عن أن أهل البادية كثيراً ما يغزون هذه الواحات ويشاركون أهلها في معيشتهم عند جدب أراضيهم فيختلطون بأهلها ويؤثرون فيهم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>