وخلاصةالقول إن مقال الأستاذ ساطع الحصري بك جاء أية للأخذ بالقشرة دون اللبّ ونقل مظاهر الحياة الغربية كما هي دون الاستفادة بروحها في حياتنا الخاصة.
فإن التحية للعلم ليست إلا مظهراً لروح النظام والولاء وأولى بنا أن نطبق هذه الروح على شعائرنا الخاصة وتقاليدنا المألوفة دون أن نتقيد بالشكل الذي تظهر فيه تلك الروح في أي بلد من البلاد أحلف بالله أنه يغمرني من الأسف واللهف أكثر مما غمر الأستاذ كاتب المقال حينما ألحظ في غدواتي وروحاتي أن المؤذن يؤذن للصلاة والآذان يذاع بالراديو فلا يحرك ساكنا ولا يسكن متحركا وترى المارين في الشوارع والتجار في المحال والجموع المحتشدة أمام دور السينما والملاهي وكأنهم لم يسمعوا شيئاً!!! أفلم يلقن الرسول صلى الله عليه وسلم أتباعه كيف يردون على الداعي إلى الصلاة والصلاح والفلاح! أفليس من صميم تقاليدنا ان نكف عن العمل ونذر البيع ونسعى إلى ذكر الله؟ أفلا يكون منظر مثل هذا أروع من التحية للعلم، وأدل منها على روح النظام والولاء؟ وكذلك أرى أن القرآن يذاع بالراديو صباح مساء ولا يكون له وقع ما، في نفوس العاطلين العابثين الهازلينالآثمين الجاثمين على الأفاريز وداخل المقاهي فهم لا يستمعون له ولا ينصتون بل يستمرون في لعبهم بالنرد ولهوهم بأنواع شتى من اللهو وقد تأصل فيهم هذا الداء إلى حد أنهم يدأبون في ساحة الفاروق كما يدأبون في المحال العامة. قد كنت أقرأ وأنا بالهند عن اهتمام ملك مصر بإحياء ليالي رمضان فتشرق نفسي إلى شهودها فلما حقق الله لي تلك الأمنية وحضرت إحدى تلك الحفلات الملكية كنت أتوقع أن أجد المستمعين كأن رؤوسهم الطير وخفت أن تصدر مني هفوة لصوري عن معرفة الآداب المرعية هناك ولكني اكتشفت أن الأمر أهون بكثير وبدأت أفكر في نفسي وأتساءل: أولا يليق برجال القصر والمشرفين على تلك الحفلات أن يعلموا الجمهور درساً في آداب الاستماع إلى أي الذكر الحكيم فيضيفوا بذلك فضلا ويداً إلى أيادي الفاروق المتجددة؟ ولا شك أن مثل هذا الإصلاح هو أول واجب على عاتق الأزهر الشريف ولكن أخاف أن لا تكون حياة لمن يناديهم الأستاذ محمود الشرقاوي كاتب مقال (الأزهر والإصلاح).
وخلاصة القول أن الحياة الإسلامية مليئة بمظاهر روح النظام والولاء لو أننا تمسكنا بالعروة الوثقى وسعينا لإحياء تقاليدنا أكثر من الطموح إلى انتحال عوائد الأمم الأجنبية فإن