للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بها فخوراً. . وراحت بدورها تعلن على الملأ - كما ترى - أن أباها. . . بائع الدجاج علمها في (اللسيسه فرنسيه).

- لم أكن أتوقع كل هذا النقاش، ولو كنت توقعته ما اقتحمته. . إذ أن صديقي لا يقتنع أبداً مهما تبين له الحق، وكان القيظ شديداً فآثرت السلامة، وانحرفت بالحديث عن وجهته، معتقداً أنني على حق، ولاحظ هو ما قصدت إليه، فآثر السلامة بدوره، وانحرف معي بالحديث معتقداً أنني على باطل.

وشاء القطار أن يقف فجأة. . محدثاً بذلك صوتاً عنيفاً ذعر له الرجال ذعراً أخفت رجولتهم معظمه. وظهر ما لم تطق الرجولة كبته على وجوههم، أما النساء فقد أظهرن بكل ما يستطعن من القوة ذعرهن، معتقدات أنهن كلما أمعن في الذعر كان ذلك أدنى إلى الأنوثة، ولكن واحدة منهن لم يخرج بها الذعر عن الأدب المنتظر من سيدة. . أما ربيبة المدارس الفرنسية فماذا فعلت؟ لقد استنفد السيدات الجالسات كل المظاهر التي كان يمكن أن تلجأ إليها، ولا يصح أن تقلد واحدة منهن.

وكيف يكون ذلك وهي ابنة الغني، صاحبة الرطانة الفرنسية الصافية الخالصة. . أهي بكل هذا الأمجاد تقلد سيدات مصريات لا يتكلمن الفرنسية؟. . لا ودون هذا كل شئ. . أطلقتها صرخة وأتبعتها بقولة. . . ولكن الحظ خانها فخرجت الكلمة (بلدية) صريحة، وقد أرادتها فرنسية صحيحة. . وخرجت ساقطة تشير إلى القفص الذي أثقل كاهل أبيها قبل أن تدخل المدارس الفرنسية.

- لحاها اللهّ!. لقد أخجلتني أمام صاحبي وقد كنت أدافع عنها وعن أصلها. .

نظر صاحبي إليَّ في شماتة. ونظرْت إلى السيدة في احتقار وغيظ، وشاركني في احتقارها كل من كان بالمقصورة. . وأحست هي بهذه النظرات فألمت لضياع جهادها الطويل الذي بذلته في سبيل احترامنا لها. . جهاد ساعة باللغة الفرنسية.

- سألت صاحبها أن يخرج بها إلى الممشى ليلتمسا هواء. فأجابها إلى طلبها. . سألته في بلدية واضحة وأجابها في بلدية أفصح وخرجا. . وإذا بصاحبي ينفجر ضاحكا، وقد كنت والله مع احتقاري للسيدة أفضل بقاءها حتى تمنع عني ما سألاقيه من سخرية الصديق. . قال:

<<  <  ج:
ص:  >  >>