منه بأنه اسم منصوب بعد واو بمعنى مع، للدلالة على ما فعل الفعل بمقارنته. فتكملة التعريف (للدلالة على ما فعل الفعل مقارنته) يتوقف عند تفهمها الكبير ويعجز عن تصورها الصغير. وكان الأولى أن يقتصر في التعريف على شطره الأول (وهو اسم منصوب بعد واو بمعنى مع). أما الأمثلة، فهي مؤلفة بقصد التجديد منهم - على ما يظهر - ولكنها خرجت عن المعنى المطلوب، فقالوا: غرد البلبل والشجرة، أي مع الشجرة، أي مصاحبا الشجرة، أي مقارنا الشجرة في تغريده. وقالوا: جلس المسكين وباب المسجد، أي مع باب المسجد، أي مصاحباً لباب المسجد، أي مقارناً لباب المسجد. وقالوا: جلس التلميذ والكتب. . . أي. . . أي. . . ومع كل هذه (الأيأية) التي يلجأ إليها، فإن الأمثلة لا تتضح للمتعلم، وبخاصة إذا كان صغيراً.
ولعمري إن هذه وأمثالها مما ورد في كتب قواعد اللغة العربية مما أخطئها التوفيق وجانبها الصواب، ولو اقتصروا على خرجت وطلوع الشمس، أو وغروب الشمس، أو صلاة الظهر مثلا، وغيرها مما يتضح فيه المعنى بدون (أيأية) لكان أولى وأرحم بعقول التلاميذ، ولكنه الخطأ في أساس التأليف تبعاً لخطأ سابق في كتب النحو بدون تمحيص.
ومثل هذا الخطأ أيضاً حادث في واو المعية التي ينصب بعدها الفعل المضارع، ذلك أن فاء السببية وواو المعية تضمر بعدهما أن - كما قالوا - وجوباً بشروط، إلا أن معنى كل منها مخالف للآخر. فالفاء يكون ما قبلها سبباً لما بعدها، وما بعدها متأخراً عما قبلها، وقد نبا عليه نقول أقبل فأكرمك، وذاكر فتنجح، فالإكرام مترتب على الإقبال، والمذاكرة سبب في النجاح، ومن القرآن قوله تعالى:(يا ليتنا نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل)؛ يفهم منه أن عملهم المغاير لما كانوا يعملون مترتب على ردهم إلى الدنيا مرة أخرى. أما الواو فيكون ما بعدها مصاحباً لما قبلها في نفس الوقت، ومن ذلك قوله تعالى:(يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين)، فهم يتمنون ردهم مرتبطاً في الوقت نفسه مع عدم تكذيبهم بآيات الله، ومرتبطاً مع كونهم من المؤمنين. ومن الشعر قوله:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
معناه مع إتيانك في الوقت نفسه مثل ما نهيت عنه. وقوله:
أتبيت ريان الجفون من الكرى ... وأبيت منك بليلة الملسوع