للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يولد الأشعري إلا بعد ذلك ولم يظهر متكلما إلا قبيل نهاية القرن الهجري الثالث. ومنها ذهابه إلى أن اسم صاحبة أبي العتاهية عبدة (ص١٥١) وهي عتبة جارية الخليفة المهدي، وإنما عبدة صاحبة بشار بن برد. وفي الكتاب تحميل للنصوص أكثر مما تحتمل وتوليدها ما لا يمكن أن تلد (ص٩٧، ١٠٢).

وفيه أخطاء ذوقية ففي قصيدة بائية لأبي نواس منها هذا البيت وكلها على منواله:

(يا غراب البين في الشؤ ... م وميزاب الجنابه)

يسمى هذا الشتم هجاء، والهجاء لا يسعى وهو خال من الفن وإلا لعد كل بذاء هجاء ومن ذلك تعقيبه على قصيدة أبي نواس التي منها:

يا قمرا أبرزه مأتم ... يندب شجوا بين أتراب

بقوله: (وما أرق المحب الذي يطلب الموت الدائم للناس ليرى حبيبته) (ص١٠٩) وليس قلب كهذا بالأرق ولا الرقيق بل هو قلب أناني مغلق وحشي. ومنها (ص١٦٢) وصفه أبا العتاهية بالزاهد ولو اقتصر على وصفه بالمتقشف لأصاب فهكذا كان الرجل، وفرق بين التقشف والزهد، فليس بالزاهد من كان من أحرص الناس على الحياة والمال وأشحهم بهما.

ومن أخطاء الفهم عده مدحاً ببيتي ابن المعذل في أبي تمام وهما:

يا نبي الله في الشع ... ر، ويا عيسى بن مريم

أنت من أشعر خلق الل ... هـ ما لم تتكلم

وهما من الذم المقذع فهو بقوله (يا نبي الله في الشعر) والبيت الثاني يخرجه من الشعراء، لأن الأنبياء - فيما تعورف - ليسوا شعراء وفيه إشارة إلى الآية الكريمة في النبي (وما علمناه الشعر وما ينبغي له) وفي ندائه (يا عيسى بن مريم) اتهام لأبي تمام بأنه مجهول الأب.

وفي الكتاب قضايا سيقت بلا برهان، وأحكام قاطعة وهي بين الباحثين محل شك أو رفض، وفيه اعتماد على نظريات تربوية ونفسية لم تثبت ثبوتاً قاطعاً ولا راجعاً. وتقسيم أنواع شعر الشاعر إلى حكمة ووصف وهجاء. . . منهج قد يصلح للمبتدئين ولكنه لا يغني في البحوث التي تكتب للشداة فضلا عن الناضجين في المعرفة ولا سيما إذا كانت موضع دراسة (تزيد على ثلاثين سنة) كما قال المؤلف في مقدمته.

<<  <  ج:
ص:  >  >>