وثالثهم الفريد دي فيني (١٧٩٧، ١٨٦٣م) وقد اختارا له قصيدة عنوانها النفير في قرابة ثمانين بيتاً، ومهداً لها بتصوير القصة التي بعثت عليها كما حدثت والفرق بينها وبين صورتها محرفة في القصيدة وأتبعاها بتفسير قصير لبعض أعلامها، وترجما له أيضاً قصيدة عنوانها (موت الذئب) شعراً ونثراً. ورابعهم ألفريد دي موسيه (١٨١٠ - ١٨٥٧م) صاحب رواية (اعترافات فتى العصر) التي ترجمها المرحوم فليكس فارس، وقد اختار المؤلفان للشاعر قصيدة عنوانها (ليلة مايو فترجماها شعراً في قرابة تسعين بيتاً، ثم ترجماها نثراً، وقدمها لها مقدمة قصيرة تصف الحالة التي كان عليها الشاعر حين نظمها.
وخامسهم بول فرلين (١٨٤٤ - ١٨٩٦) وهو أقل الأعلام حظاً من الدراسة والمختار، فدراسته وقعت في ثلاث صفحات ونصف صفحة، ولم يختر له المؤلفان غير قصيدة واحدة عنوانها (الخريف) ترجماها في ثمانية أبيات.
ومن هذا العرض نفهم ما في العنوان من مبالغة، فإن (أعلام الشعر الفرنسي) ليسوا خمسة فحسب، والخمسة المترجمون كلهم من شعراء القرن التاسع عشر وحده، وليسوا مع ذلك كل (أعلام الشعر الفرنسي) فيه. ويلاحظ أن دراسة الأشخاص واضحة جيدة، وأسلوبها شبيه بالأسلوب الإنسكلوبيدي فهي تعريفات خفيفة تتناول ظواهر الأشخاص ولا تنفذ إلى ما وراءها.
كما يلاحظ أن القصائد المختارة سهلة قريبة التناول في (صورتها العربية) ولا أستطيع الحكم على الترجمة من حيث أداؤها للأصول الفرنسية (وهي ما يعول المؤلفان عليه) إذ لا علم لي بها. ولكنا نستطيع أن نقارن بين الترجمتين الشعرية والنثرية للقصائد التي ترجمها المؤلفان: شعراً ونثراً معاً. والمفهوم لي أن الترجمة النثرية أدنى إلى الأصل، فإن الناثر أكثر حرية وقدرة على التزام الأصل من الشاعر، إذ لا تتكاءده عقبات الوزن القافية التي تتكاءد الشاعر فتضطره في بعض المراحل أن يحيد عن الطريق قليلا أو كثيراً ويظهر أن الأمر مع المؤلفين كذلك.
وهذا مثال لم أتكلف في اختياره: فهو صدر القصيدة الأولى لأول الأعلام كما رتبوا في الكتاب وعنوان القصيدة (الوحدة) للمرتين، والمثال قد اجتمعت له ثلاث أوليات: