كانت نظراته في الحياة، ولكني أذكر لذة حديثه وفائدة درسه.
ثم راحت أيام وجاءت أيام، وإذا لي ولد، وإذا بي أرسله إلى (روضة الأطفال)، وإذا مكان الكتاب ذي السبيل والحصر، بناء فسيح ذو حديقة غناء، وتخت وأدوات شتى، ومكان العصي و (الفلقة)، بيانو وآلات موسيقية، ومكان مواجير الفول والمخلل، لبن وبسكوت في الساعة العاشرة، وأكل نظيف يشرف عليه الطبيب في الظهر ومكان برنامج كتابنا الذي ليس فيه إلا حفظ القرآن برنامج دقيق مفصل محدود بالساعة والدقيقة فيه غناء وفيه لعب، وفيه مبادئ القراءة، وفيه ما شئت من تنوع واختلاف، ومكان سيدنا الشيخ سيد عبد الرحمن آنساتنا العزيزات.
وأتى ابني يوماً يقول أن (أبلة) فلانة علمتهم اليوم درساً جديداً، قالت هذه (ستي) أ، وهذه (ستي) ب، وستي ألا شيء عليها، وستي ب من تحتها نقطة، فقلت أين هذا مما كنا نتعلمه من أألف، بابا ليف، بوبا واو بي با يه).
ورأيته ينشد أناشيد (سمير الأطفال) ونحوها فقلت أين أنت من أبيك وقد كان ينشد في العصر قبل الذهاب إلى البيت الأناشيد الدينية.
ورأيته يزكم فيجلس في البيت ثم يذهب إلى المدرسة فتأبى عليه إلا أن يأتي بشهادة طبيب بأنه برئ ولم يكن مرضه معدياً، فقلت لحا الله زماناً لم نكن نعرف فيه طبيباً، وكان حولنا في الكتاب مرضى لا يعرفون أن الزكام مرض، وكان أصحاءهم ومرضاهم يشربون من زير واحد بكوز واحد.
ورأيته في سنه لا يحفظ شيئا، وكنت أنا في سنه أحفظ جزءا كبيراً من القرآن.
ورأيته يعرف من الأشغال اليدوية والرسم والتلوين ما لا أعرفه إلى اليوم.
ورأيته ورأيته؛ ورأيتني ورأيتني
أخشى أن نكون في كلا الحالين مفرطين ومفرطين، وأن نكون في (كتابنا) قد غلونا وفي (رياض أطفالنا) قد غلونا
أخشى أن يكون الكتاب قسا وأسرف في القسوة، ورياض الأطفال ماعت وأسرفت في الميوعة، أخشى أن نكون في كتابنا قد وضعنا أمام الطفل كل العقبات فلم يستطع أن يجتازها إلا القليل، ونحينا في (رياض الأطفال) كل العقبات فاجتازوها جميعاً، ولكنهم