يتحدى به الآنسة أم كلثوم قائلاً: إن الغناء في عالم الطبيعة من خصائص الذكور، ولا ريب أن الحق معه من وجهة التاريخ الطبيعي وحقائق علم الحيوان ولكن من الذي يفضل أن يسمع الغناء من رجل خشن على أن يتمتع به من فم فتاة رقيقة تفيض جمالا وفتنة، وعلى كل حال فإن علماء التاريخ الطبيعي يقررون أن الغناء ميزة للتفوق، وسلاح للغلبة واجتذاب للإناث جهز بهما ذكران الطيور، وفق نظام الكون المستهدف لإدامة الحياة، وبقاء النوع وتكثير النسل فهو من جملة المشهيات والمغريات المؤدية إلى تلك الغايات النبيلة.
وقد أخضعت نظرية التطور التي جاء بها العالم الإنجليزي دارون - غناء الطيور وهديلها لعامل الانتخاب الطبيعي. فقالوا إن خاصة الغناء الجميل التي تتحلى بها بعض الذكور من الطيور تتركها تتفوق في معارك الانتخابات التزاوجية لأجل الفوز بالإناث ويشجعها ذلك الفوز والانتصار على التناسل بكثرة. وهذا يؤدى إلى وفرة ذريتها التي تحمل خصائصها، ومن جملتها القدرة على أحداث الأصوات الجميلة الغنائية فتشيع هذه الميزة في الأجيال القادمة حسب قانون الوراثة. وإليك بعض كلمات علماء التطور.
قرأت في كتاب عن نظرية التطور تأليف العلامة الفرد والاس.
قال تحت عنوان الخصائص الجنسية المسببة بالانتخاب الطبيعي:(علاوة على تسلح الذكور بما يعدهم للنضال مع الذكور الآخرين توجد بعض الخصائص الجنسية المسببة بالانتخاب الطبيعي وذلك كالأصوات والروائح المختلفة الخاصة بالذكور التي تكون دعاء للإناث أشعاراً لهن بحضورهم، ومن الواضح أن هذه إضافات ذات قيمة في وسائط تمييز الجنسين، وزيادة على ذلك أنها إشعار بحلول فصل التزاوج. ومن الواضح أن توليد وتفريق هذه الأصوات والروائح هما ضمن نطاق قدرة الانتخاب الطبيعي، والتمييز بين الجنسين من فصائل الطيور، ولإغراء ذكرانها للإناث، وتشهيتها للفساد.
وعند ما انتشرت أفراد فصائل الطيور بصورة واسعة على وجه الأرض أصبح هذا الدعاء في غاية الأهمية لجعل التزاوج يقع بصورة مبكرة ويسرع به ما أمكن.
وهكذا قد أصبح وضوح وعلو وتميز شخصية غناء الطائر خاصة نافعة، وبالنتيجة يتحقق الانتخاب الطبيعي (أي أن الطائر الذي توجد فيه هذه الخاصة النافعة يكثر نسله فتشيع هذه الميزة الصوتية في الأجيال التالية وفق نظرية التطور والوراثة) وهذا هو الواقع خاصة