بالنسبة لطائر الوقوق ومع كل الطيور التي تعيش منفردة.
ولا شك أن صنيع الغناء عمل مبهج وجالب للسرور، وربما استخدمه الطير كمنقذ للفائض الزائد من الطاقة العصبية والتهيج النفسي، على حد ما يقوم به الإنسان من الرقص والغناء، والألعاب الرياضية المسلية. وهذا التعليل لغناء الطيور يرى أن رياضة القوة الصوتية مكملة لتطور الريش الثانوي الذي ليس له أهمية أساسية في الطيران، ومتممة لزخارف الزينة والتجمل في الطيور.
ويلاحظ المؤلف الفرد روسل والاس) أن كل طيورهم البديعة الغناء بسيطة التلوين، وليس لها عرف ولا يوجد في رقابها أو ذيولها من ريش التباهي، والظهور بمظهر فاتن جذاب، في حين أن الطيور المزخرفة ذات الجمال الزاهي في الناطق الاستوائية ليس لها المقدرة على الغناء، وتلك التي تصرف طاقة كبرى لتتبرج وتزهى بالريش الجميل تطورت أصواتها تطوراً طفيفاً لا يذكر إذا قسناها بالطيور الأخرى. وخذ مثلاً لذلك الديك الرومي، والطاووس، والطائر الطنان، وطيور الجنة وهذه فصيلة من طيور غينيا الجديدة وما يجاورها من الجزائر.
وتشتهر طيور الجنة بجمال ريشها وبهاء ألوانها، ولا يمتاز ببهاء اللون وحسن الريش إلا الذكور، وريش الذكران على حسنه أملس ناعم حريري فيه براقة المعادن الصافية والخلاصة أن أغاريد الطيور وأغانيها حسب الظاهر مذكرات وإشارات ورسائل غرامية مختصرة لإشعار الأنثى بوجود الذكر ولدعوتها إلى التزاوج، وهذه القابلية للغناء تفيد الفصيلة لأنها ذات علاقة بأهم وأجل وظيفة حيوية، وهى حفظ النوع بالتناسل).
وقال العالم الطبيعي دارون في كتابه أصل الأنواع إن المنافسة بين الطيور على امتلاك الإناث أقل قسوة منها بين الحيوانات التي تعيش على الأرض؛ وكل من له إلمام بالموضوع على اعتقاد تام أن هذا التقاتل لا يبلغ منتهى القسوة والشدة إلا بين الأنواع التي تجتذب ذكورها الإناث بحسن أصواتها الغنائية.
وذكر أن بعض الطيور التي يسكن جزائر (جيانا) وطيور الجنة وغيرها من صنوف الطير قد تجتمع وتتقاتل قتالا عنيفاً ثم تخرج الذكور الفائزة في المعركة وتنشر ريشها البهي اجتذب إليها الإناث، ومن ثم تأخذ في التضاحك بشكل عجيب والإناث على كثب يرمقنها