فطمت ولائي ثم أقبلت عاتباً ... أفاطم مهلا بعض هذا التدلل
بروحي ألفاظ تعرض عتبها ... تعرض أثناء الوشاح المفصل
فأحييت وداً كان كالرسم عافياً ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل
تعفى رياح العذر منك رقومه لما نسجتها من جنوب وشمائل الخ
وقد بعث الصفدي بعد حين إلى ابن نباتة يستجيزه رواية آثاره الأدبية، فأجازه ابن نباتة وكتب له (إجازة) بعبارة أدبية هي نموذج لنثر هذا العصر.
ومن يقرأ كتاب (الحان السواجع) للصفدي، يجد فيه نماذج عدة للإخوانيات الشعرية في عصره. ودواوين الشعراء فيه ملأى بهذا الضرب الشعري.
ومما يذكر أن الصحبة كانت قد عقدت أواصرها بين ناصر الدين بن البارزي أحد كتاب العصر البارزين، وابن حجة الحموي الشاعر الكاتب الناقد. وبوحي من ابن البارزي نظم ابن حجة بديعته في مدح الرسول عليه السلام. وأبرز في أبياتها ألواناً عدة من البديع، وعارض بها بديعيتي عز الدين الموصلي والصفي الحلي. وكان كلما نظم بيتاً قرأه على صديقه ابن البارزي حتى يصير صالحاً. ولما أنتي ابن حجة من نظم بديعيته، شرحها ووازن بينها وبين بديعيتي الموصلي والحلى، دارساً أنواع البديع مستشهداً عليها بكلام المتقدمين من نثر ونظم موازناً بينها أيضاً، مبيناً مذهب البعض في البديع، متكلما عن شعراء عصره وأدبائه ومذاهبهم فيه أيضاً، وهكذا ترى أن ابن حجة قد ألف كتاباً ممتعاً فيه علم وأدب وتاريخ ونقد، وهو (خزانة الأدب).
وبعد فلعلنا بهذا الحديث الموجز، وبهذه الحوادث المقتضبة ألمعنا إلى الدور الهام الذي أدته العلاقات الإخوانية على مسرح الأدب في العصر المملوكي.