من لصب أدنى البعاد وفاته ... إذ عداه وصل الحبيب وفاته
فاته من لفا الأحبة عيش ... كان يخشى قبل الوفاة فواته
كان ثبتاً قبل التفرق لكن ... زعزعت روعة الفراق ثباته
ومنها يقول:
كنت مستنصراً بأسياف صبري ... فنبت بعد فرقة ابن نباتة
فاضل ألف الفصاحة والعـ ... لم وضمت آراؤه أشتاته
رَبُّ شعر لم يتبع ما روى الغا ... وون لكن بالفضل يهدى غواته الخ
وقد أجابه ابن نباته بقصيدة طللية في المعنى، ومن البحر والروي، قال في مطلعها شاكياً متغزلا في رقة:
ما لظبي الحمي إليه التفاته ... بعد ما كدر المشيب حياته
لهج بالهوى وإن نفرت أيـ ... دي الليالي غزاله ومهاته
كلما قيل قد سلا عن فتاة ... عاده الحب فاستجد فتاته
ومنها:
بأبي فاتر اللحاظ غرير ... رام تشبيهه الغزال ففاته
صائل الحسن إن رنا وتثنى ... سل أسيافه وهز قناته
ومنها يخاطبه:
يا مفيد الورى لآلئ بحر ... يعرف الذوق عذبه وفراته
وصل العبيد من قريضك بر ... سر أحبابه وساء عداته. . الخ
وعلى ذكر ابن نباتة نقول إنه كان قد وقع بينه وبين صديقه صلاح الدين الصفدي جفاء، ولعل ذلك بسبب سرقات الصفدي الشعرية من ابن نباتة، والتي جمعها ابن نباتة في كتابه (خبز الشعير). فتعاتبا عتاباً شعرياً قاسياً، وقد ضمن كل منها قصيدته إعجازاً من معلقة امرئ القيس، وسلكاها في نظمها مع توافق في المعاني، حتى لكأنها أصيلة فيه.
قال الصفدي:
أفي كل يوم منك عتب يسوءني ... كجلمود صخر حطه السيل من عل
وترمى على طول المدى متجنياً ... بسهميك في أعشار قلب مقتل