فقال السراج الوراق:
ما أعلم أن أحداً منا يأتي بمثل هذا. سيروا بنا.)
نقول: وهذه مطارحة لم تتم أدوارها، ومباراة لم تبلغ مداها وقد نظم الصاحب فخر الدين بن مكناس قصيدة طريفة فكاهية، داعب بها صديقه الأديب الشيخ بدر الدين البشتكي، ووصفه فيها يوم (أنس الهمايل)، وكان الشيخ بدر الدين في اليوم المذكور قد وضع الثور من الساقية ودار بها، فقال ابن مكناس:
دورة البدر في سواقى الهمايل ... تركت أدمع العيون هوامل
آه من للرياض ثور أديب ... مظهر من كلامه سحر بابل
فاق سعياً على بنى عجل في الجو ... د وأغنى عن الولي الهاطل
وقد مزج ابن مكناس في أبياته بين ألفاظ الرياض والري والماء، وألفاظ الأدب والشعر مزجاً لطيفاً، واستعار من إحداها للأخرى، ووصف الرياض خلال ذلك، وما فيها من أزهار وأغصان، مع توريات جميلة، وتلميحات بارعة، تناسب الموضوع فمن أبياته يخاطب صديقه:
يا سعيداً أثرى من النظم والنث ... ر فأنسى الورى زمان الفاضل
قد سقيت الرياض ياشيخ بالدو ... ر فها غصنها من السكر مائل
وقوله:
وغداً بالظلال كل أديب ... في هجير الرمضا بفضلك قائل
وبروحي عيون نرجس روض ... تفتح العين بالندى وتغازل
أنت شنفتها بشعرك زهراً ... وبعثت المياه فيها خلاخل
وقوله:
أنت لو لم تكن بحار علوم ... ما جرت في الرياض منك جداول
أنت عندي أجل قدراً من الثو ... ر - وقد درت - للوجود الحامل
وغدا الفن بين لفظك والرو ... ض على الحالتين عندك بأقل
ومن الإخوانيات ما تبادله صفى الدين الحلي، وجمال الدين بن نباته، من شعر تعاتبا فيه وتقارضا الثناء، فلقد أرسل صفى الدين إلى صديقه قصيدة في هذا المعنى، قال في مطلعها: