للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في أول الأمر إلى أن الواو ليست للعطف، أما واو الحال - وأكثر دخولها على الاسمية -؛ فالمضارع بعدها في تقدير مبتدأ محذوف الخبر وجوباً، فمعنى (قم وأقوم): وقيامي ثابت.

على أن الطلب: (ما يتوقف تحقق مدلوله على النطق به)؛ فكأن بينه وبين ما بعده ارتباطاً فيه ترتب حكم؛ فالنهي عن الخلق مرتبط بملابسه فعله - أما جملة الحال؛ فيقصد منها الكشف أو بيان الهيئة فإذا قلت: (لا تقع في اللبس وأنت غلطان) كان المعنى النهي عن الوقوع في اللبس في حال الغلط؛ فقد يقع اللبس سهواً على خلاف (لا تقع في اللبس وتغلط)؛ فإنه يقتضي النهي عن وقوعهما أو وقوع اللبس وحده مع ملابسة الغلط.

وبعد؛ فهذا ما بدا لنا سقناه للعلم والحق - على قدر ما نعلم - (وفوق كل ذي علم عليم)!

أحمد عبد اللطيف بدر المدرس ببور سعيد

هاأنذا:

اشتهر بين المتأدبين أن الضمير المسبوق بها التنبيه يخبر عنه وجوباً باسم الإشارة الذي يناسبه، ومثاله قول الله تعالى: (هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا) وقوله جل وعلا: (هاأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم). وقول الشاعر:

إن الفتى من يقول هاأنذا ... ليس الفتى من يقول: كان أبي

وقد غلا كثير منهم في تطبيق هذا الحكم غلواً كثيراً؛ مع تخلفه في مواطن شتى من كلام البلغاء والعلماء الذين يقتدي برأيهم؛ كالعلامة (ابن هشام) فإنه أورد هذه القاعدة في (المغنى) ولكنه جريا وراء فطرته فرقَّ بين ما يجب فيه ذلك وما لا يجب فقال في مقدمة الكتاب قوله (وهاأنا بائح بما أسررته) بدون أن يخبر باسم الإشارة؛ وقال (البحتري) وهو من هو في صفاء الأسلوب:

ها هو الشيب لائماً فأفيقي ... واتركيه إن كان غير مفيق

ولا يمكن وقوع (البحتري) في هذا الخطأ إن كان الحكم السابق مطرداً في جميع الأحوال؛ والحق أن النحاة لم يوجبوه ولكن كثيراً من الواقفين على شاطئ العلوم لا يفرقون بين أسلوب وأسلوب، ولا يتعمقون المباحث العلمية حتى يقفوا على أسرارها، فيقضوا في الأمور على بينة، وإني - ولا أزكي نفسي - أستطيع أن أعرض على القارئ ما أراه سبباً

<<  <  ج:
ص:  >  >>