لتخلف هذه القاعدة في بعض الحالات؛ يبدو لي أن الأساليب المقرونة بالتحدي هي التي لا تخلو من أسماء الإشارة؛ فالآيتان الكريمتان فيهما إنكار شديد، وعتاب لاذع للمؤمنين الذين لا يزالون يجادلون عن المنافقين وأمثالهم، والذين لا يزالون يوادونهم ويحبونهم مع استبانة البغضاء في أفواههم، وتماديهم في معاندة الإسلام والكيد للمسلمين؛ ولما كان هذا اللوم شديداً على نفوس المؤمنين ومظنة لمحاولة التنصل منه حسن الإخبار باسم الإشارة زيادة في تصوير موجب اللوم حتى كأنه مصور محس لا يمكن التنصل منه؛ وكذلك الشأن في البيت فإن معنى التحدي واضح فيه كل الوضوح. (وزيادة في الفائدة يحسن الإشارة إلى أن بعض المفسرين يعتبر اسم الإشارة في الآيتين منادى مع حذف حرف النداء). ثم نرجع إلى صميم البحث فنقول: أما إذا خلا الكلام من معنى التحدي فقد حسن (أو جاز على الأقل) تجريد الكلام من اسم الإشارة؛ وبهذا يكون (البحتري) على العهد به في تفهم مقتضى الحال، والإتيان بما يطابقه من الكلام، فيكون كلامه جارياً على سجيته: من الجودة والرصانة، كما كانت الآيتان الكريمتان في الذروة من البلاغة لأنهما طابقتا كل المطابقة مقتضى الحال.
(الإسكندرية)
محمود البشبيشي
كتاب مفتوح إلى صاحب الفضيلة الشيخ أحمد محمد آل شاكر
كنا عند ظهور كتاب الأغلال لعبد الله القصيمي وتداول آراء بعض العلماء فيه ننتظر رأي فضيلة الشيخ أحمد بن محمد آل شاكر إلا أن فضيلته لأمر لا ندريه، تذرع بالصمت ولم ينبس ببنت شفه في أغلال القصيمي والآن بمناسبة ظهور رد جديد على الأغلال نفسها من الشيخ محمد بن عبد الرزاق آل حمزة ومقدمة من الأستاذ الغمراوي نرى أن الفراغ لا يزال موجوداً لم يسد ولا يصلح ولن يصلح لسد هذا الفراغ إلا كلمة فضيلة الشيخ الشاكر فيه إذ لا يدعى للجلي إلا أخوها. وعليه نرجو في إلحاح من فضيلة الشيخ الشاكر بيان رأيه الثاقب وكلمة العلم في الموضوع وله من الله الأجر والمثوبة، ومنا طلبة العلم الشكر الجزيل وإنا لكلمته منتظرون.