إلا تهنئة القراء الشرقيين عموماً والمصريين على وجه الخصوص بهذا الكتاب الجامع الشامل!.
والحق أشهد أنه من أشق الموضوعات التي تحتاج إلى التريث وطول الأناة وسعة الاطلاع، فعندما يتصدى الكاتب لفنون الإسلام جميعاً إنما يجابه موضوعاً عسيراً، لا يتغلب عليه إلا القادرون.
جاء الكتاب في نحو ٧٥٠ صفحة من القطع المتوسط شاملا للعمارة والنحت والتصوير وأعمال النجارة والقاشاني والفنون الزخرفية بأوسع معاني الكلمة، وذلك في الأقطار الإسلامية مرتبة ومبوبة تبويباً خاضعاً للأسلوب العلمي.
وإذا علمت بأن فنون الإسلام في مجموعها تقف أمام الفنون الوثنية الكلاسيكية موقف المناهض، وأنها قامت على أكتاف الفنون المسيحية في أول أمرها ثم أخذت تستقل رويداً رويدا حتى تم لها الوجود والكيان القائم بنفسه؛ استطعت تقدير المشقة والمجهود المبذولين لبيان هذا الاتجاه بقلم كاتب مصري مسلم!.
ولعل من الخير أن نذكر أن المحور الذي تدور حوله الفنون المسيحية المبكرة وما بعدها كان دينياً خالصاً؛ فأقيمت الكنائس مزودة بالتماثيل الآدمية وغير الآدمية ومحلاة بالتصاوير الدينية وما إليها، على حين كان المحور الذي تدور حوله الفنون الإسلامية هو إنشاء المساجد والجوامع مجردة من النحت الآدمي والصور الدينية، وهذا موضوع تناوله المؤلف بالبيان في كتابه.
وقد اختص الدكتور زكي موضوع التصوير الإسلامي بأكبر عدد من الصفحات (٧٨ صفحة) تناول المؤلف فيها ضمناً ما قيل من الأسباب التي جعلت منه فناً جامداً - وأخذ يناقش مختلف الآراء بأسلوبه الممتع. كما اختص الفنون المعدنية بعناية تجلت في نحو ٧٣ صفحة، أما المنسوجات فقد جاءت في ٥٣ صفحة، والحفر على الخشب في ٥١ صفحة، ثم بلى ذلك الخزف والسجاد والزجاج والبلور الخ. وهي أبواب كما ترى تصلح لأن تكون كتباً مستقلة، ولكن المؤلف شاء أن يكون كتابه مرجعاً لكل باحث ومثقفاً لكل مريد.
نعم جاءت بعض الصور التي بلغ عددها جميعاً ٧٥٠ صورة على غير الدرجة المرجوة من الدقة والظهور وهي المرقومة ١٥٢ و٢٠٨، ٢١٦، ٢١٩، ٢٢٥، ٢٣٩، ٢٥٠، ٢٨٨،