هذا، بل ترى فريقاً من عشاق الفن وقد اشتغل بتأريخ حياة مثال بعينه؛ فتجد بحثاً قائماً بذاته عن فيدياس مثلا.
أما التقدم في إخراج هذه الكتب فكان من ثلاث نواح، الأولى أن تأليفها كان مبنياً على أصول البحث العلمي وما يحتاج إليه هذا من الإفاضة في الموازنة والمقارنة، وفي ذكر المراجع والمصادر عند عرض رأي من الآراء الفنية أو مناقشته، والثانية تزويدها بالصور الفوتوغرافية القيمة التي أماطت اللثام عن كثير من الدقائق التي لا يمكن فحصها في مكانها الأصلي، إلى جانب تكاليف السفر ومشقته وما يستنفده من وقت ومجهود، والثالثة تقدم فن الطباعة تقدماً عجيباً جعل في الإمكان الجمع بين لوازم العلم من ناحية تنويع حروف الطباعة لملاءمة البحث وتمييز فصوله وأبوابه، وتلوين الأشكال والصور بألوان تحاكي الأصل - وبين الدقة والعناية، بل والأناقة في الإخراج، فأصبحت كتب الفن في كل من أوربا وأمريكا أنموذجاً للكمال.
هذا إلى جانب ما أخرج للراغبين من معاجم ودوائر معارف وموسوعات ومجلات ونشرات وتقارير سنوية وغير سنوية للدراسات والاكتشافات الفنية والأثرية وأصول النقد الفني والتقدم في النقد المقارن.
كانت كل هذه المجهودات تسير قدماً ونحن في نوم عميق! على أن هذا النوم العميق لم يمنع من ظهور بعض الكتب المترجمة عن الفن المصري حيناً وعن الفن في القرون الوسطى. وفي عصر النهضة وما بعده حيناً آخر، وهي كتب أكثر ما يمكن أن يقال فيها أنها محاولات وترجمات لكتب فنية لا تتفق أصلا مع حاجة المصريين ولا مع سابق دراساتهم إلى ذلك الحين على الأقل، كما كان بعضها أقرب إلى (كتالوجات) الصور منه إلى الكتب الدراسية ذات الأسلوب النافع. ولهذا جاءت ضعيفة الإخراج قليلة المادة ضئيلة النفع، لا لشيء سوى عدم تخصص مترجميها أو مؤلفيها من ناحية وعدم وجود القارئ للكتب الفنية القيمة التي تدفع بالمتخصصين إلى العمل من ناحية أخرى.
ولقد ظهرت بعد الثورة المصرية بعض كتب قيمة إلى جانب مقالات وبحوث ظهرت في مجلات محترمة عن الفن واتجاهاته ومدارسه. فإذا ما ظهر اليوم كتاب (فنون الإسلام) لتنوير الأذهان نحو موضوع من أخطر موضوعات الثقافة الفنية الإسلامية؛ فإنه لا يسعنا