لا أفهم ماذا ينتظرون إذا كانوا يعلمون جيداً أنه يستحيل عمل برنادوت أن يتوفق إلى حل للمشكلة غير إلغاء ما يتمناه الصهيونيون أيصبرون إلى أن يضجر العرب كلهم من دوام هذه الحالة البليدة ويتركوا صهيون لليهود.
وإلى الآن لا أفهم ماذا يعني من يرتئون (حتى من ساسة العرب) أن يعود اللاجئون إلى بلادهم والمشكلة، لا تزال قائمة.
لماذا هرب اللاجئون من بلادهم؟ أليس لأن اليهود اعتدوا عليهم. فهل تغيرت طباعهم الحيوانية وصاروا بشراً يؤمن شرهم فما عادوا يفتكون بالأطفال والنساء والشيوخ؟ على أي أساس يعود العرب المشردون إلى بلادهم وأولئك لا يزالون وحوشاً يتوحدونهم للفتك بهم.
وإنه لغريب أن يقترح برنادوت عودتهم إلى بلادهم وهو لا يقترح الوسيلة الضامنة سلامتهم من فتك بهم. وأغرب من هذا وذاك أن بعض أقطابنا يقبلون هذا الرأي من غير أن يقدروا العواقب.
وأغرب وأعجب أن يقبل أقطابنا أن يعيش هؤلاء اللاجئون المنكوبون على إحسان الأجانب. وإلى متى يبقون عالة هكذا والهدنة لا نهاية لها - يا للعار. يا للشنار.
عجبت أن يهتم برنادوت وأعوانه (بالشحاتة) اللاجئين العرب ويستغيث بمجلس الأمن تارة وبالمؤسسات الخيرية أخرى كالصليب الأحمر وغيره - عجبت أن يهتم هذا الاهتمام الذي يشكر عليه قليلا، وأعجب من ألا يخطر بباله أن أشباه الناس اليهود هم كانوا سبب هذه الكارثة. وأعجب وأغرب أنه وهو يترك الحبل على الغارب لليهود لا يطلب من مجلس الأمن بكل شدة أن يرغم (إن كان عنده قوة للأرقام) جميع يهود العالم أن يدفعوا أثمان جميع الأرزاق والأموال والأملاك وكل ما كان في حوزة العرب - كل هذه التي نهبها اليهود من بيوت العرب وأملاكهم وحوانيتهم، وهي تقدر بنحو ثلاثمائة مليون جنيه إسترليني، هي الآن في ذمة اليهود إن كان لليهود ذمم.
عجبت أن يسكت برنادوت ومجلس الأمن وهيئة الأمم وحاخامات اليهود عن المائة والاثنين والسبعين مليوناً من الدولارات الأمريكية التي تصدق بها نصارى أمريكا على منكوبي اليهود في أوربا، وما كانوا ملزمين لولا أن مسيحهم قال لهم: (احسنوا إلى من أساء