فضربت عنقه أمام الحجاج، وقريش وأهل الشام يترحمون سراً على هذا الشيخ المسكين.
وهذا كميل بن زياد النخعي ينال حصته من الشتم ثم يعرض على الحجاج فيبادره الثقفي بقوله:
أنت المقتص من عثمان أمير المؤمنين؟ قد كنت أحب أن أجد عليك سبيلاً.
كميل: والله ما أدري على آينا أنت أشد غضباً عليه حين أقاد من نفسه أم عل حين عفوت عنه؟.
أيها الرجل من ثقيف: لا تصرف على أنيابك، ولا تهدم على تهدم الكئيب، ولا تكشر كشران الذئب. والله ما يبقى من عمري إلا ظمئ الحمار، فإنه يشرب غدوة ويموت عشية، ويشرب عشية ويموت غدوة. أقض ما أنت قاض، فإن الموعد الله، وبعد القتل الحساب.
الحجاج: فإن الحجة عليك.
كميل: إن كان القضاة عليك.
الحجاج: بلى كنت فيمن قتل عثمان وخلعت أمير المؤمنين. اقتلوه. فيحتضنة الجلاد أبو الجهم بن كنانة الكلبي ويذبحه أمام سيده الحجاج ذبح النهاج.
ويدخل الحرس برجل آخر من طراز جديد، من أصحاب الدنيا، ممن يعرفون كيف يهربون من عزرائيل.
الحجاج: إني أرى رجلا ما أظنه يشهد على نفسه بالكفر.
الرجل: أخادعي عن نفسي؟ أنا أكفر أهل الأرض وأكفر من فرعون ذي الأوتاد؟.
فيضحك الحجاج، ويشعر في نفسه بأن الرجل قد غلبه، وإنه ممن لا يستقرون على حال. ويأمر بإطلاق حريته.
ثم يأتي أهل الشام (بأعشى همدان) الشاعر الذي انضم إلى (ابن الأشعث) طمعاً في ماله والذي ينضم إلى كل أحد حتى إلى الشيطان إذا ما وجد عنده المال. الشاعر الذي كان يسير بين يدي (عبد الرحمن) في زحفه على العراق للقضاء على الحجاج وهو يقول:
شطت نوى من داره بالإيوان ... إيوان كسرى ذي القِرى والريحان
من عاشق أمسى بزابلستان ... إن ثقيفاً منهم الكذابان
كذابها الماضي وكذاب ثان ... أمكن ربي من ثقيف همدان