يوماً إلى الليل يسلي ما كان ... أنا سخونا للكفور الفتان
الحجاج: إيه يا عدو الله! أنشدني قولك: بين الأشج بين قيس. . . أنفذ بيتك.
أعشى همدان: بل أنشدك ما قلت لك.
الحجاج: بل أنشدني هذه.
أعشى همدان ينشده:
أبى الله إلا أن يتمم نوره ... ويطفئ نور الفاسقين فنحمدا
ويظهر أهل الحق في كل موطن ... ويعدل وقع السيف من كان أصيدا
إلى أن يقول:
فكيف رأيت الله فرق جمعهم ... ومزقهم عرض البلاد وشردا
فقتلاهم قتلى ضلال وفتنة ... وحيهم أمسى ذليلاً مطردا
ولما زحفنا لابن يوسف غدوة ... وأبرق منا العارضان وأرعدا
قطعنا إليه الخندقين وإنما ... قطعنا وأفضينا إلى الموت مرصدا
وهي قصيدة تزيد على الثلاثين بيتاً من شر ما تكلم في ذم أهل العراق وأحسن ما قيل في مدح الحجاج وأهل الشام حتى اهتز أهل الشام طرباً وصاحوا: أحسن، أصلح الله الأمير. وظن الشاعر أنه تغلب على غضب الحجاج بهذه القصيدة ونجا، وأنه سيعيش. ومن يدري فلعله كان يأمل هجاء الحجاج من جديد وقد تعود من قبل مدح الناس وهجاءهم في آن واحد.
الحجاج: لا، لم يحسن. إنكم لا تدرون ما أراد بها.
يا عدو الله! أنا لسنا نحمدك على هذا القول إنما قلت نأسف أن لا يكون ظهر وظفر. وتحريضاً لأصحابك علينا وليس عن هذا سألناك. أنفذ لنا قولك: بين الأشج وبين قيس قيس بأذلخ.
فينشد أعشى همدان إلى أن يصل إلى قوله:
بخ بخ لوالده وللمولود.
الحجاج: لا والله لا تبخبخ بعدها لأحد أبداً. أضربوا عنقه. فتضرب عنقه. ويفصل رأسه عن جسده وينال جزاء تقلبه وتلوثه وهجاء الناس ومدحهم طمعاً في الدنيا والمال.