للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما مثل بين يدي الحجاج قال به الحجاج: ما اسمك؟

سعيد: اسمي سعيد بن جبير.

الحجاج: بل شقي بن كسير.

سعيد: أبي كان أعلم باسمي منك!

الحجاج: لقد شقيت وشقي أبوك!

سعيد: الغيب إنما يعلمه غيرك!

الحجاج: لأبدلنك بالدنيا ناراً تلظى.

سعيد: لو علمت أن ذلك بيدك ما اتخذت إلهاً غيرك.

الحجاج: فما قولك في الخلفاء؟

سعيد: لست عليهم بوكيل.

الحجاج: اختر أي قتلة تريد أن أقتلك؟

سعيد: بل اختر يا شقي لنفسك! فو الله ما تقتلني اليوم بقتلة إلا قتلتك في الآخرة بمثلها!.

الحجاج: ليقتل، فلما ولى ضحك، فأمر الحجاج برده وسأله عن ضحكه، فقال: عجبت من جراءتك على الله وحلم الله عنك! فأمر به فذبح! فلما كب لوجهه قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الحجاج غير مؤمن بالله، اللهم لا تسلط الحجاج على أحد يقتله من بعدي! فذبح واحتز رأسه!.

لقد قتل الحجاج ما يزيد على المائة والعشرين ألفاً. ولكنه لم يتأثر بمقتل أحد تأثره بمقتل سعيد بن جبير. لقد التبس عقل الحجاج كما يقال منذ اللحظة التي شاهد فيها رأس سعيد ينفصل عن جسمه. فلم يذق النوم بعد ذلك فكان يرى في منامه سعيد ابن جبير وهو يقول له: يا عدو الله فيم قتلتني؟ فكان الحجاج يصرخ ويستغيث قائلا: يا قوم مالي ولسعيد بن جبير؟ كلما عزمت على النوم أخذ بحلقي. وصدقت نبوءة سعيد فلم يعش الحجاج بعده إلا خمس عشرة ليلة.

أراد الحجاج أن تستقيم الأمور عن طريق الضغط والإكراه وإجبار الشعب على التسليم، وأبت الأمور أن تستقيم عن هذا الطريق فأفلت الأمر بعد وفاة الحجاج.

(دمشق)

<<  <  ج:
ص:  >  >>