عليه وسلم أن يؤمنهم على أموالهم وذراريهم حتى يخرجوا من المدينة، فصالحهم على أن يخرجوا منها، ولكل ثلاثة منهم بعير يحملون عليه ما شاءوا من الطعام والشراب والثياب، وأن يتركوا الدروع والسلاح، فرضوا بهذا. . . ولما أيقنوا بالجلاء، حسدوا المسلمين أن يسكنوا منازلهم، فجعلوا يخربونها بأيديهم (حتى إن الرجل منهم كان يهدم بيته عن نجاف بابه، فيضعه على ظهر بعيره وينطلق) وصاروا ينقضون العمد والسقوف، وينزعون الخشب والأوتاد، وارتحلوا عن المدينة، وتعفروا بغبار الذلة، وتضرجوا بدم الصغار. . .
ورجع رسول الله إلى المدينة، يحمل ما تركوه من الدروع والأموال والسلاح، وإذا بوحي الله ينزل عليه بهذه الآيات:(سبَّح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم. هُو الذي أخرَج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأوَّل الحشر، ما ظننتم أن يخرجُوا، وظنوا أنهم مانعتهم حُصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، وقذف في قلوبهم الرعب، يُخربون بُيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار. ولولا أن كتب عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار. ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله، ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب. . .)