أحبا في مناجاة الغواني ... ترى أم ذاك زهد في المعالي
عجبت لحلمهم في كل خطب ... وإن ذكر البنات دعوا نزال
وتأخذ الموالد صورتها المعروفة في كل قطر من الأقطار الإسلامية، ويعيا الوعاظ والمصلحون برد القائمين بها عن هذه المخازي التي تكون فيها، فلا نعدم الشاعر السودان الذي يدلي بدلوه في هذا المضمار، فهذا الشاعر محمد القرشي يقول:
أرى بدعا تشيب لها النواصي ... إذا ما جاء ميلاد الرسول
ويتحدث عن مظاهر الاحتفال بهذا المولد من رايات وطبول وأنوار كثيرة، ثم يتحدث عن ساحات اللهو ويمضي فيذكر (ربات القلائد والحجول) ثم يقول:
تجر ذيولها متبرجات ... لتفتك بالتبرج والذيول
بمجتمع القمار مقامرات ... مع الشبان في الجمع الوبيل
مسار للظباء خرجن فيها ... مراسح للخلاعة والخمول
ثم يستطرد في وصف تمسك عنه حتى يقول:
مصائب في بني الإسلام حلت ... وفاجعة تجل عن المثيل
وحديث الشعراء السودانيين عن النفاق مستفيض، والنفاق - في ظني - أبعد الصفات عن الخلق السوداني الذي طبع على الصراحة والشجاعة، ولكن هكذا يقول الشعراء.
وأكثر ما اشكو النفاق فإننا ... لبسناه من دون النفوس ثياباً
تأصل وأستشرى وأمعن مفسداً ... ورد البيوت العامرات خراباً
وأنشب في روح الشباب مخالباً ... وأعمل في روح الشيبة نابا
ويقول الشاعر حمزة الملك:
أمة في غيها غارقة ... بعد أن جرعها الله الشقاء
قسمت أعمالها بين هوى ... ونفاق وخمول وإدعاء
تلك أدواء دهت أخطارها ... أمم الشرق سواء بسواء
ضاع شرع الله فيما بينهم ... مثلما ضاع وفاء وإخاء
أما أنا فأزعم أن هذا الشاعر كان ثائراً حين نظم قصيدته (الدويم) فطاش من يده القلم فقال ما قال مما يعف كاتب عن ذكره: