الأمن أمراً واقعاً. وقد استمرأ اليهود سياسة الأمر الواقع، وعادوا يفعلون ما يروق لهم ولا يحسبون حساباً للعواقب، لأن الأمر الواقع ينفي كل عاقبة!
ولقد كان ذنبنا العظيم أننا لم نجنح إلى الأمر الواقع ولا عرفنا كيف نستفيد منه!
لو ألفنا حكومة عربية لفلسطين من أهل فلسطين منذ أعلنت إنكلترا الثعلبة أنها ستلغى انتدابها في أول مايو - لو ألفنا حينئذ الحكومة العربية، وجعلنا مكانها في مصر أو الشام أو بغداد كما فعلت بلجيكا وهولندا ونروج في الحرب الأخيرة من كان يمنعنا لو كان لفلسطين حكومة عربية - أينما كانت - من أن تحتل فلسطين فعلا حالما تركتها إنكلترا؟
أن اليهود فعلوا ما كان يجب أن نفعله، كانوا كلما ترك الإنجليز موضعاً احتلوه هم، ولو كانت حكومة فلسطين العربية الحرة قائمة لكانت أسبق إلى احتلال حيفا من اليهود.
نعتب على الإنكليز أنهم أخلوا حيفا لليهود، فهل كانت حكومة فلسطين على أستعداد لأحتلال حيفا ومنعها الإنكليز؟
أحتل اليهود كل مكان أخلاه الإنكليز، ونحن لم نستطع أن نحمي نساءنا واطفالنا، ففتك بهم أولئك الذئاب، وفر من أستطاع أن يظفر بالسلامة! فختام يا قوم نتبع سياسة التواني، ونعرض عن سياسة الفرصة السانحة، والضربة السابقة، والأمر الواقع؟!.