١٢٥٠) ثم أنتهى سلطان الأيوبيين وورثهم المماليك (١٢٥٠ - ١٥١٧) وكانت مصر في هذا القرن أقوى أقطار الإسلام لأتساع ملكها ووفرة خيراتها، وما انضوى تحت لوائها من ممالك وأمصار، ولما في عنصر هذه الأمة الكريمة من حيوية يشيب الدهر من حولها ولا تزال أبداً فتية، ولأن حكامها آنذاك، من أيوبيين ومماليك، كانوا قواداً عسكريين، قبل أن يكونوا ملوكاً حاكمين نبتوا في كنف المعارك ونشأوا تحت ظلال السيوف.
أخطار ثلاثة:
كان أعداء الإسلام في ذلك القرن ثلاثة: هم الصليبيون، والمغول، والحشاشون.
(١) الصليبيون: قضى المسلمون القرن الثاني عشر كله في جلاد مرير مع الصليبيين، تزعمه عماد الدين زنكي، نور الدين محمود، وصلاح الدين الأيوبي، وأنتهى القرن الثاني عشر ومات صلاح الدين الأيوبي ١١٩٣، ولا يزال الصليبيون يملكون سواحل الشام من إنطاكية إلى غزة، وقد علمتهم حروب صلاح الدين أنهم لا يستطيعون الأستقرار في بلاد الشام ما دام في مصر دولة قوية، فوجهوا غزواتهم في القرن الثالث عشر إلى مصر ليفتحوها بعد القضاء عليها، وبذلك يؤمنون مملكة أورشليم. وكانت أول حملة صليبية على مصر في هذا القرن (١٢١٨) بقيادة (جان دي برين) واستولوا على دمياط، وأخذوا يزحفون على القاهرة، فمات الملك العادل حزناً، وترك أمر الدفاع لأبنه الملك الكامل الذي ورث البطولة عن أبيه وعمه (صلاح الدين)، فأقام الاستحكامات في المكان الذي سمى فيما بعد بالمنصورة، وجاءته النجدات من اليمن والشام، والمتطوعة من سائر البلاد الاسلامية، وأنتهز فرصة فيضان النيل، فقطع الجسور، وأحاطت المياه بالصليبيين، ورأوا استماتة المصريين في الدفاع، فطلبوا الصلح وانقلبوا خائبين سنة ١٢٢١م.
وفي سنة ١٢٢٨م. استطاع فردريك (إمبراطور ألمانيا وملك جنوب إيطاليا وزوج ابنة قائد الحملة السابقة جان دي برين) بحسن حيلته وبما أشتهر عنه من حب الإسلام والمسلمين، أستطاع أن يعقد مع الملك الكامل اتفاقاً على أن يعطي بيت المقدس بشرط أن يحتفظ المسلمون فيها بأماكنهم المقدسة، وأن يساعد (فردريك)(الكامل) على أعدائه، وأن يمنع النجدات الأوربية عن الإمارات الصليبية الباقية في سواحل بلاد الشام، كطرابلس، وإنطاكية. وقد أنكر هذا الأنفاق المسلمون أشد الإنكار، لأنه أخرج بيت المقدس من أيديهم،