للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(١) الشخصية هي مجموع الصفات والمزايا الذاتية التي يمتاز بها الشخص من غيره. أو هي:

(٢) مجموعة الصفات العقلية والخلقية والجسمية والإرادية التي يتوج بها الإنسان. أو هي:

(٣) مجموعة الفروق التي تميز الشخص من غيره.

والحق أن هذه التعريفات كلها تقريبية، وأن الشخصية لا يمكن تحليلها إلى عناصرها الأولية تحليلاً محساً، ولكنها تبدو لنا في مقدار ما عند الشخص من الاستقلال الفكري، وحضور البديهة، وسرعة الخاطر، وقوة الروح، وهي كالحب والكره اللذين لا يمكن تعليليهما عادة، فقد تحب شخصاً أو تبغضه لمجرد رؤيته بدون معرفة سابقة، وقد لا يمكنك إبداء السبب. وكل ما تستطيع أن تذكره هو أن تقول: إني أحبه أو لا أحبه. أما السبب فلا يمكن تعليله لأنه أمر معنوي وسر خفي يتعلق بشخصية ذلك الرجل. وقد يكون الشعور بالحب أو البغض ناشئاً عن صفات أو عيوب خاصة في الشخص الذي تعرفه وتقابله من حين لآخر، فنحن نحب فلاناً مثلاً لأنه مخلص كريم شجاع متفائل، يواسي الفقير ويساعد البائس. ونكره فلاناً لأنه لا يعرف الإخلاص، والإخلاص لا يعرفه، يتمثل فيه البخل، والجبن، والتشاؤم، والقسوة والغلظة، لا يحن إلى مسكين ولا يتألم لحزين. وفي مثل تلك الأحوال نعرف إلى حد ما سبب المحبة أو الكراهة، ولكن ليس ذلك بسهل دائماً؛ فقد نحب الشخص في أول لحظة نقابله فيها، وقد نبغضه لأول وهلة قبل أن نعرف شيئاً عنه، نحبه لمظاهره أو نكرهه لهذه المظاهر، ولا يمكننا أن نوضح الأسباب التي جذبتنا إليه، أو التي نفرتنا منه. والسبب الجوهري هو أن شخصيته محبوبة أو مكروهة.

هل الشخصية هبة طبعية أو صفة مكتسبة؟

والجواب أن الشخصية توهب بالفطرة، وقد تكتسب بالتربية الحق، ولكن الطيعية أقوى من المكتسبة. ولو كانت الشخصية هبة طبيعية فحسب لكنا ضحايا الظروف، وما كان للتربية أي أثر في تكوين العظماء من رجال الدين والعلم والأدب والفن. ولكن أثرها لا ينكر في تكوين الشخصية والعظمة في نفوس العظماء. وهنا نسأل هل قامت التربية وقام المربون حقيقة بواجبهم نحو تربية الشخصية؟ هل قاموا بواجبهم وقد أصبحنا نفكر فيما فكر فيه غيرنا، ونتكلم بما قاله سوانا، ونفعل مثل من سبقنا؟ إننا أصبحنا مقلدين في أفكارنا وأقوالنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>