للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأفعالنا، مهملين أنفسنا وشخصياتنا، لأن التربية تربية إتكالية، لا تعرف معنى الثقة بالنفس والاعتماد على النفس في التفكير والقول والعمل. وقد نادى كبار المربين وبخاصة (السر برسي نن) المربي الإنجليزي الكبير بأن الغرض من التربية هو تربية الشخصية المستقلة، ولكن كتب التربية في واد، والمدارس في واد آخر. فبينما نقول: يجب أن يربى الفرد تربية كاملة من كل الوجوه، جسماً وعقلاً وخلقاً واجتماعاً، نجد أن الفرد مهمل إهمالاً تاماً من جميع الوجوه، وأن شخصيته تطبع بالطابع المدرسي، وتصب في قالب خاص، فتفقد مظاهرها الطبيعية. كل ذلك حباً في النظام، ولسنا ننكر أن النظام يجب أن يكون سائداً، بل إننا ننادي بالنظام، ونقول دائماً: النظام هو الحياة، ولكننا نعترض على الطريقة التي يسود ذلك النظام، تلك الطريقة التي تقتل شخصية الطفل وتضعف مواهبه، ونريد طريقة أخرى بها يستتب النظام من غير إضرار بعقلية الطفل أو وجدانه أو إرادته أو جسمه أو شخصيته، وليست هذه الطريقة بسهلة، لأنها تتطلب مشاركة في الوجدان، وفهماً لكل فرد من حيث الذكاء والميول والبيئة والظروف. . وما ذلك بالأمر الهين، فنحن لا نفكر إلا في المظاهر، والنظام الشكلي، والسكون العسكري. مهما ضحينا في سبيل هذه الأشياء من الضحايا. وإذا تحققت الثقة بين المعلم والمتعلم؛ ووجدت الصلة الروحية بينهما فمن المحال أن تكون هناك صعوبة في نظام أو غيره، ولن تضحي شخصية الفرد أو الأفراد بعد.

الاختلاف في الشخصية

كما أن الناس يختلفون في الذكاء والميول الفطرية كذلك يختلفون في الشخصية؛ فبينما تجد هذا قوي الشخصية قد تجد ذاك خاملاً ضعيف الشخصية، وكما أن الشخصية تختلف باختلاف الأفراد كذلك تختلف باختلاف الشعوب؛ ففي الشخصية الألمانية تتمثل الروح العسكرية، والطاعة العمياء، والاتكال على الحكومة في كثير من الأشياء. وفي الشخصية الإنجليزية تبدو الثقة بالنفس، واحترام الذات، وتقدير الحرية الشخصية والاستماتة في سبيلها. وفي الشخصية الأمريكية تظهر الروح العامة أو (الديموقراطية)، وعدم الاكتراث للتقاليد، لأن أمريكا كأمة حديثة لا تقاليد لها. وفي الشخصية الفرنسية تتغلب العاطفة على التفكير، والنظريات على الأعمال. وتكثر الآمال، والميل إلى الخيال، وحب الظهور؛ فكل فرنسي يريد أن يكون ضابطاً إذا تقدم للحرب. ولا ندري من أين يؤتى بالجنود إذا كان

<<  <  ج:
ص:  >  >>