وأردُ الشوق غز في القلب غزّة ... عندما جئت أبتغي أرض غزة
ثم سار إلى خان يونس، وبات فيها وقال فيها موالياً:
يا فرحتي مذ بدا المحبوب لي يونس ... مسامري بين ندماتي لخان يونس
سألت ما الإسم بدري قال لي يونس ... وقلت والأصل حبي قال لي يونس
وأستأنس باصحابه وبكر نحو العريش وقال من قصيدة:
عرش الحب في الحشا تعريشا ... حين حل الملتاع فيه العريشا
وأقام ثاني يوم ينتظر ذخائر القوم، ثم توجه نحو (بير العبد) ذي الماء الملح، فلم يطق فيه مقاماً، وجهد حتى وصل (قطية) ومال لسهلها ونزل عليه، ورحل إلى (الصالحية) وتلقاه هناك نذر من جند مصر المحمية. وكان رافقة من غزة هاشم الشيخ صالح مفتيها، فتمرض في الطريق ودفن في الصالحية. ونحا بعد ذلك جهة (القرين) والوزير يرمقه والشيخ محمد الخليلي بعين، ويتفقد أحوالهما فيزول عنهما الغين.
ونزل بعد ذلك نخيل (بلبيس) وأرتحل للخانكه وأتاها ليلاً، وأمر الوزير بعض من عول عليه من جند مصر، بإنزالهما داخل المدينة في مكان مناسب، وأرسلهما مع خادمه إلى دار محمد بك المكني بأبي الشوارب، ووعد عليهما للسلام أعيان البلد، وهي دار واسعة الأكناف، ممتدة الجوانب والأطراف، مقسمة إلى بيوت أربعة، كل بيت يسع الصنجق والذين معه. ويقول الشيخ في وصف الدار (وكنا في ربعها نتيه، ونكاد إذا درنا في جنباته أن نتيه).
ولما دخل مصر القاهرة، شهد مدينة بالمباني الفاخرة، ورأى فيها اشياء كثيرة، لم يرها في غيرها من المدن الشهيرة، فتحقق أنها بلدة جمعت محاسن خطيرة، ولم يقل كما قال البعض أنها قرية كبيرة، بل قال كما قال الإمام الشافعي عنها (كنت أظن أن مصر في الدنيا، فرأيت الدنيا في مصر).
وكان الوزير الكبير، سأل الشيخ قبل دخول مصر، عن محل نزوله، فأجابه في محل يكون شيخه الشيخ محمد الخليلي فيه، فسأله (ولم لا تنزل في بيت البكري الوسيع؟) فأجابه (رغبة في صحبة الشيخ الرفيع، وإن دعانا شيخ السجادة إليه أجبناه). ويقول الشيخ (وأقمنا