للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقد دعاه جناب الشيخ علي نجل الحنفي الولي، إلى مكان نزيه ذي أبنية وثيقة، في مصر العتيقة، وكان بحر النيل في ازدياد على المعتاد، فأركبه والشيخ محمد الخليلي، قياسة له صغيرة، وأرسلهما للتفرج على المقياس فسارا ورأيا العمود فيه مغطى بمياه فاقت (علي) الأسفنطا؛ ورأيا الماء نازلا عما عليه كان، لأنه فاض من الدرج الخارج وعم ساحة المكان؛ ثم عادا إلى محل الضيافة، فإن أمواجه كانت كبيرة، واختلاف أهويته كثيرة، وكان كبير ذلك المحفل الجامع والداعي لبيته وضيافته جناب الشيخ عبد الرؤوف البشبيشي، وقطعا ذلك النهار، والداعي الصفي نجل الحنفي والوفي يلاطفهما.

وبعد أيام دعي الشيخ للإصلاح بين الشيخ محمد شنن والشيخ أحمد (اللقدوسي؟) وأقام معهم صفا ووفا، على بركة الرطلي التي تمتلئ إذا النيل وفا، وكان يوماً مشهوداً بالأفاضل المعتبرين ممدوداً بمكارم الكريمي المستقى هو وأخوه قد دعا الشيخ بعد أيام للحضور في داره، وقصد بعد أيام لزيارة مقام زين العابدين.

ثم توجه صحبة الشيخ محمد الخليلي إلى جامع سيدي عمرو بن العاص بن وائل السهمي فاتح مصر، وقد لقب أبوه بالعاصي على أحد الأقوال لأنه كان يتقلد بالعصا عوضاً عن السيف فسمى بالعاص. وكانت زيارته وزيارة سيدي عقبة بن عامر الجهني تقدمت، ورأى الشيخ في الجامع مصحفين ينسبان للأماميين سيدي عثمان وسيدي علي رضي الله عنهما، ويقول (إنه بالبعد عن المدينة، اضمحلت بعض رسومه المتينة)، وصعد المنبر، فوعظ وسار بعد ذلك إلى مصر العتيقة وكر ثانياً إلى المقياس. ويقول الشيخ ومن المترددين عليه الشيخ محمد الحفناوي. وممن دعا الشيخ إلى داره الشيخ محمد العناني ذو النسب العمري والحسب الشمسي القمري، وأغدق عليه المبرات.

ويقول الشيخ (وكنا نستعمل القصب بكثرة غير مختصرة، حتى اتخذنا له من الخشب صغير معصرة، ويقال إن الإمام المطلبي صاحب المذهب، ابن عم النبي كان سبب نزوله القاهرة، حبه في القصب السكري، وفي ذلك يقول الإمام السيوطي:

نزلتُ على القصب السكري ... نزول رجال يريدون نهبه

يجز كجزء رؤوس العدا ... ومص كمص شفاه الأحبة

وكان يتردد كثيراً مع الشيخ الخليلي إلى بولاق لأجل الإطلاق لا من الإملاق، وكذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>