الحجاز معزولا عن قضاء مكة، وتوفي ثاني يوم دخوله وذلك سنة (١١١٨هـ).
ثم سار لزيارة أبي الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن أبن أبي الثنا الفهمي القرقشندي وهو من تابعي التابعين، القائل رأيت نيفاً وخمسين رجى من التابعين. وقال في حقه يحيى بن بكير، الليث أفقه من مالك. وهو شيخ البخاري ومسلم؛ ولد سنة أربع وتسعين وتوفي عام خمس وسبعين ومائة. وزار بعد ذلك جملة صالحة من سكان القرافة لا يمكن عدهم، ولم يزد على التمثيل في العتبات الرفيعة إلا لدى سلطان العشاق سيدي عمر بن الفارض مولده (٥٥٦هـ أو ٥٦٠هـ) ووفاته (٦٣٢هـ).
ثم قصد زيارة سيدي محمد الحنفي نجل علي شمس الدين الشاذلي (ولد سنة ٧٤٧هـ - وتوفى سنة ٨٤٧هـ). ثم توجه لزيارة السند الجليل سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه، ولد سنة أربع أو ست أو سبع وأستشهد يوم عاشوراء يوم الجمعة سنة إحدى وستين (بكربلا). وأعلم أنهم اختلفوا في رأس الحسين بعد مصيره إلى الشام أين صار، وفي أي موضع أستقر، فذهبت طائفة إلى انه، طيف به في البلاد حتى أنتهى إلى عسقلان فدفنه أميرها بها فلما غلب الإفرنج على عسقلان افتداه منهم الصالح طلايع وزير الفاطميين بمال جزيل ومشى إلى لقائه من عدة مراحل، ثم بنى عليه المشهد المعروف بالقاهرة، والى ذلك أشار القاضي الفاضل في قصيدة مدح بها الصالح طلايع. وصار آخرون ومنهم الزبير بن بكار والعلاء الهمداني إلى أنه حمل إلى المدينة مع أهله فكفن ودفن بالبقيع عند قبر أمه وأخيه الحسن. وذهبت الأمامية إلى أنه أعيد إلى الجثة ودفن بكربلا بعد أربعين يوماً من القتل. ورجح القرطبي، الثاني قائلا ما ذكر من أن في عسقلان مشهدا هناك أو بالقاهرة باطل لا أصل له. أنتهى. والذي عليه طائفة من الصوفية أنه بالمشهد القاهري.
ثم زار الشيخ، علم هذه الديار، وأحد أركان مصر، سيدي عبد الوهاب بن أحمد الشعراني يتصل نسبه بسيدي محمد بن الحنيفة نجل علي رابع خلفاء المختار، ولد تقريباً سنة (٨٩٩هـ) وتوفي سنة ٩٧٣هـ وقد ترجمه المناوي وغيره وترجم هو نفسه في سننه، وقد طالع الشيخ جملة من مؤلفاته، وكرر له الزيارة فهو أحد أشياخه ثم زار سيدي محمد الكردي الكائن بعد باب الفتوح، ثم مال لرورة الخواص، وضريحه بزاوية الشيخ بركات خارج باب الفتوح تجاه خوص، توفي سنة (٩٣٩هـ).