بأنها مطابقة لمقتضى الحال، وتأملت الفرق الكبير بين حال الطلبة الناشئين وبين اسلوب هذه المؤلفات ومستوى تلك المناهج، علمت ما في عملهم هذا من مجانبة للبلاغة ودلالة على ضد (علو كعبهم) فيها. . .
كنت وما زلت أود أن تخرج المؤسسة الشعبية على تلك المناهج الرسمية الجامدة، فتقدم لطلابها الأدب نفسه خالصاً من تلك الدراسات، تعرض نماذج سهلة منه وتيسر لهم قراءة الكتب الدانية من إفهامهم، مع شرح من الاساتذة، وتحليل طفيف يقصد منه إلى الإساغة والتذوق، لا إلى معرفة الخصائص والاصطلاحات العلمية والبحث عن أسباب الصعود والهبوط في (بورصة) الأدب!
إن الذين يطلبون الأدب في مؤسسة الثقافة الشعبية ينبغي أن يكون أهم ما يقدم لهم رحيق الآداب المصفى، لأنه هو الذي يستجيب لميولهم التي دفعتهم إلى طلبه، وهو الذي يلائم شهيتهم البادئة. وهم بعد أحرار في إقبالهم وإعراضهم، لا تملك المؤسسة من أمرهم كما تملك المدارس من أمر تلاميذها. . . وأخشى إن دأبت على هذا المنهج أن تضطر إلىإلغاء الشعبة الأدبية بعد أن تدل (التجربة) على عدم نجاح الدراسة فيها. . . .
عزيزتي السيدة بديعة مصابني:
قرأت في إحدى الصحف أنك تفكرين في إحضار فرقة (باليه) راقصة من باريس للعمل في مسرح (كازينو أوبرا) في الشتاء القادم. فسررت لهذا الخبر، ولا يسعني إلا أن أشكرك بالنيابة عن الحكومة المصرية وعن دار الأوبرا الملكية لأن استقدامك فرقة الباليه من شأنه أن يعفى الدولة من الجهود والأموال التي تبذلها لاستقدام هذه الفرقة وأمثالها، من شأن عملك هذا يا سيدتي أنيعفى مدير الأوبرا من الترحال والأسفار والتنقل بين البلدان الأوربية للبحث عن هذه الفرق والتعاقد معها، ومن شأن هذا العمل الجليل ايضاً أن يعفى خزانة الأمة المسكينة من تلك الأموال التي تدفعها إلى تلك الفرق والتي ينفقها المدير في رحلاته.
ومما يضاعف الشكر لك (يا ست بديعة) أن تكوني قد أردت معاونة الدولة في أعبائها الكثيرة المرهقة، إذ رأيتها تعمل جاهدة على استكمال ما ينقص هذا الشعب المسكين فتجلب الفرق الراقصة لعلاج أمراضه ومحاربة أعدائه الثلاثة المشهورة المعروفة بالفقر والجهل والمرض!