للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقول بعد هذا بقليل. (وبلغ الرافعي (بعصفورة) إلى غايته وأشتهر شاعر الحسن) وترنم العشاق بشعره وما بلغت عصفورة إلى غايتها، ثم مضى كل منهما إلى طريق، وأتم الرافعي طبع ديوانه، وكما ينتهي الحب الذي هو حيلة الحياة لإيجاد النوع إلى الزواج أو الغاية الأخرى، ثم يبدأ في تاريخ جديد، كذلك أنتهى حب الرافعي وعصفورة وأنجب ثمرته الشعرية، ثم كان تاريخ جديد. . .

وعلى مثال هذا الحب كم كانت له حبيبات، وكم أنجبت ثمرات، وإنه ليخيل إلي أن الرافعي كان كلما أحس حاجة إلى الحب راح يفتش عن (واحدة) يقول لها: تعالي نتحاب لأن في نفسي شعراً أود أن أنظمه أو رسالة في الحب أريد أن أكتبها! ولقد سمعته مرة يقول لإحداهن. . . وسمعت إحداهن مرة تقول له: متى أراني في مجلسك مرة لتكتب عني رسالة في (ورقة ورد)؟.

ويتضح من هذا أن الرافعي - رحمه الله - كان يبحث عن الشعر والفن في الحب، فالحب عنده وسيلة إلى تصوير عواطفه، وتسجيل خواطره، فلم يكن الرافعي يبحث عن الحب نفسه، وإنما لغاية فيه.

على أن هذا لا يمنع أن يكون الرافعي قد أحب حباً صادقاً إحدى هؤلاء اللائي كتب عنهن، فلا نحكم حينئذ جملة بأن حب الرافعي كان مصنوعاً كله. ويؤيد هذا كلمة قالها الأستاذ العريان في (حياة الرافعي): (. . . وسعي إلى الحب أول ما سعى على رجليه، منطلقاً بإرادته ليبحث في الحب عن ينبوع الشعر، فلما بلغ أغلق الباب دونه، فظل يرسف في أغلاله سنين لا يستطيع الفكاك من أسر الحب).

وإذن فقد أحب الرافعي، وظل يرسف فلال الحب سنين طويلة. . فلا يمكن بعد هذا أن يقال إن كل ما كتبه الرافعي في فلسفة الحب والجمال شعراً أم نثراً غير صادر عن عاطفة صادقة وحب خالص.

ولا حاجة بنا ايضاً إلى سؤال تلاميذ الرافعي أو غيرهم عن توفر (الصدق الفني) فيما كتب أم عدم توفره.

حسن صادق حميدان

<<  <  ج:
ص:  >  >>