الجركس عنوان عام يشمل القبائل الأصلية القوقازية) ثم رتب على هذه الدعوى هذه النتيجة:(فيكون الجركس يؤدى مؤدى القوقاس) قبل أن يدلل عليها، ثم نقل في (حـ١ص١٢) عن (س لامار) أن الكرج، والجركس، واللزكي، والحجب، (فروع) أصل واحد، وفي (حـ١ص٢٢) قال: (دلت التدقيقات العلمية والتاريخية على أن الجركس والكرج ينتميان إلى جد مشترك).
فهل هذا الذي نقله في (حـ١ص١٢، وحـ١ص٢٢) يتفق مع ادعاه وقرره في (جـ١ص٦)؟.
ويظهر أنكم شعرتم باضطراب موقف صاحب تاريخ الجراكسة، فغيرتم ترتيبه، فنقلتم ما كتبه في (حـ١ص١٢، وحص٢٢) أولا، ثم نقلتم ما كتبه في (حـ١ص٦) أخيرا. ولكن هل هذا التقديم، وذلك التأخير غيرا من أصل الموضوع شيئا؟. والظاهر أنك شعرت بهذا الاضطراب في نصوص كتاب تاريخ الجراكسة وأنها لا تؤدى إلى ما قصدت فأوردت أسطورة - إن شئت سمها احجية - (أركس، وآس، وتركس، وكسا) نقلا عن (عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان) للبدر العيني.
ولهذه الأسطورة عندي تاريخ قديم، وحديث عجيب، ما كنت أحب أن اعرض له ولولا أنكم أوردتموها واثقين بها معتمدين عليها، فرحين بها، مغتبطينين لها، فقد حدثني بها من عهد بعيد أستاذ جليل القدر، كريم المنزلة، أعزه وأحترمه وأحفظ له في نفسي تقديرا واحتراما، وإكبارا وإجلالا، ولا حاجة الآن إلى ذكر اسمه الكريم، وإن كنت اعتقدأنه هو الذي أخبركم بأسطورة البدر العيني أيضا، فصارحته برأيي في قمية هذه الرواية التي لم يعرفها أحد قبل عصر البدر العيني، والتي لم تظهر إلا في ظل سلطان المماليك وفي مقر دولتهم، ومركز عزهم في مصر، وأذكر أني قلت له يومئذ: إنها أشبه بأسطورة أو أحجية وضعت وضعاً لإرضاء السلطان وتزلفا إلى أصحاب النفوذ. وألا فكيف لم يطلع على هذه الرواية - إن كان لها أصل - أحد من المؤرخين قبل البدر العيني، وخفيت عليهم جميعا حتى أوحى بها إلى البدر العيني في الزمن الأخير في عهد صولة المماليك - وجعلهم أو كلهم من الجراكسة المنتشرين في القوقاز الشمالي الغربي - وسلطانهم المبسوط في مصر والشرق؟
كان هذا رأيي في رواية البدر العيني هذه من عدة أعوام، وأن الأيام لم تزدني إلا إيماناً،